بعد إطلاق النار على مشرعين جمهوريين، خرج فجأة خبراء وسياسيون يطلقون الدعوات المطالبة بالتضامن بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ومنفذ الهجوم أميركي نشر رسائل غاضبة من ترامب وأعضاء جمهوريين آخرين على مواقع التواصل الاجتماعي. وأصيب في الهجوم النائب الجمهوري ستيف سكاليز ونقل إلى المستشفى. كما أصيب أيضاً أربعة آخرون، من بينهم اثنان من أفراد أمن الكونجرس. ومثل هذه الأحداث تجعل البعض يتساءلون عما إذا كان الجو العام في الكونجرس سيتأثر بهذا الحدث على نحو يتمخض عن حقبة قصيرة من التعاون بين الحزبين. ولكم أن تصفوني بالتشاؤم، ولكن الإجابة البسيطة هي بالنفي، لأن إطلاق النار الذي وقع لن يغير شيئاً، وهذا يرجع في الأساس لثلاثة أسباب. أولًا: لا يوجد من الحزب الديمقراطي من يدعو إلى الاعتدال أو التعاطف. والشيء نفسه ينطبق على وسائل الإعلام. والإشارة إلى احتمال أن يكون سكاليز والجمهوريين في الكونجرس هم المسؤولون عما حدث لا يكشف إلا عن مشكلة متفشية وسط الليبراليين السطحيين. ثانياً: هناك بعض الديمقراطيين الذين يريدون انتهاز هذه الفرصة. ونانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، أصبحت هي المحرض الأكبر على الاستقطاب الحزبي، ورمزاً للعبث. لقد أصبحت قوة مستنفدة ودعوتها إلى «استفتاء» على الرئيس ترامب في المقاطعة السادسة في ولاية جورجيا، توضح هذه النقطة وتكفي في حد ذاتها. ثالثاً: يتبارى المتنافسون الديمقراطيون المحتملون في الانتخابات الرئاسية عام 2020 في التشدد الليبرالي. والسيناتور المستقل بيرني ساندرز والسناتور الديمقراطية إليزابيث وارين لديهما طموحات شخصية في انتخابات عام 2020 لن تسمح بالتقارب الحزبي. والحشد الديمقراطي المتنامي لشخصيات أقل بروزاً، تفكر في خوض السباق على الرئاسة، يجعلهم لا يريدون أن يكون هناك شخص أكثر منهم يسارية. وهذا يتضمن الجميع من وزير العدل السابق إريك هولدر والسيناتور الديمقراطي كوري بروكر والسيناتور كامالا هاريس، إلى السناتور كريستين جيلبراند. ورغبتهم في خوض السباق ستمنعهم من عمل أي شيء يدعم التقارب مع الجمهوريين. والواقع أن إطلاق النار على مشرعين أميركيين مأساة، ومدعاة لتقارب الحزبين في لحظة تعاطف إنساني. ولكن واقع الحزب الديمقراطي يمنع الديمقراطيين من ذلك. فالناخبون الديمقراطيون لا يريدون التزحزح نحو الوسط. والديمقراطيون يفضلون اليوم إطلاق الهجمات ضد ترامب والجمهوريين في كل مكان. وربما يشرح هذا السبب الذي جعل المفكر الاستراتيجي الديمقراطي جيمس ديفاين يطلق وسم «#طاردوا الجمهوريين» على «تويتر» بعد فترة وجيزة من إطلاق النار هذا الشهر. والديمقراطيون يحشدون الدعم تجاه اليسار الغاضب، وليس نحو الوسط الحصيف. ولا شيء في إطلاق النار المأساوي سيغير هذا، ولو لثانية واحدة. إيد روجرز* --------------- * مستشار سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»