من النقاط التي لم تحظ بالقدر الواجب من التغطية الصحفية في تحليل انتخابات ولاية فرجينيا يوم الثلاثاء الماضي، صفات «رالف نورثام» نائب الحاكم في ولاية فرجينيا الذي فاز بمنصب حاكم الولاية، وتحديداً الصفات التي ليست في المرشح «الديمقراطي» من وجهة نظر «الجمهوريين». فلم يكن «نورثام» المرشح الذي كان يأمل «الجمهوريون» أن يروه منتصراً في السباق التمهيدي في الحزب «الديمقراطي» ضد الليبرالي «توم بيريلو» المفضل لديهم. وعلى خلاف الحقبة الجديدة لمن يغزلون على منوال يسارية السيناتور «بيرني ساندرز»، فإن «نورثام» مرشح محنك وحصيف ورصين إلى حد كبير. وتجدر الإشارة إلى أنه في سباقات عام 2017 بين الحزبين على رئاسة بلدية نيويورك وحاكم ولاية نيوجيرسي وحاكم ولاية فيرجينيا، كان جميع المرشحين «الديمقراطيين» من نمط متشابه. وكان يجري الطعن فيهم باعتبارهم «يساريين». لكن «نورثام» على وجه الخصوص ليس المثال الذي توقعه «الجمهوريون» لشخصية الخصم. فهو لا يمثل الصورة الذهنية النمطية التي ود «الجمهوريون» أن يروها. فقد أرهق «الجمهوريون» أنفسهم في التحدث عن ولاء «الديمقراطيين» لحركات المظالم مثل «حياة السود مهمة» وحركة «انتيفا» المعادية للعنصرية وغيرها من الحركات الاحتجاجية. لكن لا يوجد أي من هذه الملامح في شخصية «نورثام»، والواقع أنه قبل أيام من الانتخابات، تحلى «نورثام» ببعض المرونة في إبعاد نفسه عن المواقف اليسارية الضارة بالشعبية في أمور مثل مدن الملاذ، وهذا لم يقلص مشاركة «الديمقراطيين» في الانتخابات فيما يبدو. وفوز «نورثام» في فيرجينيا يجعل طرح السؤال التالي: «من سيرشح الديمقراطيون في عام 2018؟»، أكثر إلحاحاً. فعلى امتداد البلاد تزايد «الديمقراطيون» جرأة في استخدامهم لسياسات الهوية لخلق انقسامات في المجتمع الأميركي. لكن «نورثام» يمثل حالة خاصة لشخصية تبعث الطمأنينة فيما يبدو في نفوس سكان الضواحي من «الجمهوريين» الأغنياء. ويمكن قول الشيء نفسه عن شخص مثل «دوج جونز» المرشح «الديمقراطي» لمجلس الشيوخ في آلاباما. وما زلت أعتقد أن المرشح «الجمهوري» روي مور سيفوز لكني حين كنت في آلاباما في الآونة الأخيرة، فوجئت بعدد اللافتات التي يضعها السكان في الأفنية الأمامية لمنازلهم التي تؤيد انتخاب «دوج لمجلس الشيوخ». وبالطبع، يعتقد كل سياسي من الجنوب دوماً أنه يستطيع أن يتنبأ بنتيجة الانتخابات بناء على انتشار اللافتات أمام المنازل عن مرشح معين، لكن هذا خطأ تقريباً على الدوام. ولذا لا أعرف إذا ما كان «الجمهوريون» يخادعون أنفسهم أو إذا ما كان نورثام وجونز هما الأخيران من نوعهما. لكن السؤال هو: هل سيرشح «الديمقراطيون» متطرفين يتمنى «الجمهوريون» ترشحيهم؟ والواقع أن كل شيء في السياسة مجرد كلام حتى تُجرى انتخابات. وفي مساء يوم الثلاثاء، أثبت «الديمقراطيون» أنهم ما زالوا قادرين على ترشيح شخصية معقولة لا تثير القلق. لكن هل سيمتد هذا فيما يتجاوز فيرجينيا إلى السباقات الأخرى على امتداد البلاد عام 2018؟ لست متأكداً، لكن، على أي حال، يجب على «الجمهوريين» أن يمعنوا النظر في انتخابات يوم الثلاثاء ويدركوا أننا يجب ألا نصدق كثيراً الصور التي صنعناها. فعلى كل حال، ليس كل «ديمقراطي» شخصية كاريكاتورية نمطية. *خبير سياسي أميركي ورئيس شركة بي. جي. آر. جروب للحشد والاتصالات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»