ينصب تركيز الصحفية «هيلين ثورب» في كتابها الجديد: «القادمون الجدد.. اللجوء والصداقة والأمل في صف أميركي»، بصورة أساسية على مجموعة صغيرة من الطلاب، مكونة من 22 مهاجراً من المراهقين، من أصول وثقافات مختلفة، فرّوا من الحرب والفوضى الدولية، وفي بعض الأحيان من الحرمان، واجتمعوا معاً في صفّ دراسي مخصص لدراسة اللغة الإنجليزية في مدرسة ثانوية بمدينة دينفر في ولاية كولورادو. ويبدو الكتاب قصة مؤثرة لمجموعة الشباب الذين فقدوا كل شيء باستثناء الأمل في فرصة من أجل بداية جديدة. وقضت «ثورب» عاماً ونصف العام في المنطقة التي توجد بها المدرسة، في محاولة لفهم كل من الطلاب الموجودين في ذلك الصف الخاص بالقاعة رقم 142، وأعضاء هيئة التدريس الذين كرسوا وقتهم وجهودهم لتأسيس «صف تحصيل اللغة الإنجليزية وإدارته في العام الدارسي 2015– 2016». وكان الشباب الـ22 مهاجرين من مجموعة متنوعة من نقاط الاضطرابات في العالم، فقد فروا إما من قتال أو مجاعة أو اضطرابات سياسية، أو مخيمات لجوء مكتظة في أماكن، مثل إريتريا والسلفادور وموزمبيق والعراق وسوريا وجمهورية الكونجو الديمقراطية. وكثير منهم وصلوا إلى الولايات المتحدة صفر اليدين، بلا ممتلكات ولا أسر، وفي بعض الأحيان بلا وطن من الأساس، ولا يجيدون الإنجليزية، أو لا يتحدثونها على الإطلاق. ومئات من الطلاب الذين التحقوا بالمدرسة، والبالغ إجمالي عدد طلابها 1600 طالب، في صفوف تحصيل اللغة الإنجليزية، بيد أن هذه المجموعة من الطلاب المراهقين، والذين بدأ عددهم بـ12 طالباً وزاد تدريجياً، هم الأكثر احتياجاً، والأكثر بعداً عن أي تشابه فيما بينهم. وتشير «ثورب» إلى أن «المستوى التمهيدي في اللغة الإنجليزية هو الخطوة الأولى لأولئك الطلاب في عالمهم الجديد كلياً، والذي ينطوي على مجموعة كاملة من الأمور الجديدة الصادمة، مثل محاولة الاعتياد على الصوت الغريب للهجة الأميركية، والمدرسة الثانوية الكبيرة بصورة مخيفة، ومعلمهم ذي الشكل الغريب، وفكرة تغيير الطلاب للصفوف الدراسية أثناء اليوم، لاسيما أنه في كثير من أجزاء العالم، المعلمون هم من يتناوبون على الصفوف». ولفتت إلى أن التغيرات الحادة في طقس «دينفر» والصداقة التلقائية بين سكان المدينة، والمطاعم والمتاجر، ووسائل الراحة، ما قلّ منها وما كثُر، التي اعتاد عليها معظم الأميركيون، كل ذلك وأكثر، ساهم في شعور بالعزلة والهجر لم يزده حاجز اللغة إلا تفاقماً، وفقاً ل«ثورب». وتؤكد المؤلفة أن كسر ذلك الحاجز كان المسؤولية الأساسية لمعلم يُدعى «إيدي ويليامز»، وهو يتصف بالجدية والحماسة واللطف والمثابرة، وكان شديد الاهتمام، مضيفة: «كانت تلك هي الصفات التي خطرت لي مع مرور الأسابيع الدراسية وعلى مدار العام». ومن خلال ذلك المقر الصغير والبسيط في المدرسة، يتسع كتاب «ثورب» بمهارة شديدة وبطريقة لا تقاوم، ويتعمق ليشمل ليس فقط تحصيل اللغة الإنجليزية، ولكن ما يعنيه أن يصبح اللاجئ أميركياً. ومع نمو الصف الدراسي، يعرف القراء المزيد عن أولئك الطلاب، وتبدأ قصصهم في التكشف، وشخصياتهم في الظهور. ويجنح الكتاب إلى الجوانب الشخصية لهولاء اللاجئين ويصبح أكثر تشويقاً، بينما تحاول «ثورب» و«إيدي ويليامز» التعرف بشكل أكبر على الطلاب ومعرفة تفاصيل الصدمات التي تعرضوا لها في الماضي. ويتناول «القادمون الجدد» بوضوح قضايا أصبحت موضع نقاشات سياسية حادة منذ دخول الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض، مثل بناء الجدار على حدود أميركا مع المكسيك، وطرد الحالمين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة من دون ذويهم عندما كانوا قصّراً. ويضع الكتاب صبغة إنسانية مطلوبة بشدة على عناوين أزمة اللاجئين التي تتناولها الأخبار، ويسلط الضوء على جهود كثيرين مثل «ويليامز» ورفاقه من المعلمين، وما يصنعونه من معجزات كل يوم. وائل بدران الكتاب: القادمون الجدد المؤلفة: هيلين ثورب الناشر: سكربنر تاريخ النشر: 2018