يعد الإعلام أحد أهم مرتكزات المجتمعات الحديثة في صناعة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، فأجهزة الإعلام على اختلافها تعد قوة ناعمة لازمة لتكوين قناعات راسخة لدى أفراد المجتمع مما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للوطن، وقد تم استثمار أجهزة الإعلام في العالم لتحقيق أجندات معلنة وأخرى خفية يرنو صانع القرار لها، فلا توجد كما نعلم أجهزة إعلام مستقلة بنسبة 100 في المئة، حتى تلك التي تدعي ذلك هناك توجهات تحكم السياسة الإعلامية فيها، لكن المؤسسات الإعلامية تتفاوت في نسبة قناعة الناس بما تقدمه حسب قربها من الحقيقة، وتمكنها في إقناع المتلقي عبر ما يعرف بسياسة خيط الحرير. الإعلام الإماراتي يُعد حديثاً في مجاله، واجتهد صُناع القرار فيه لجعله أحد أهم الواجهات التي تعبر عن توجهات دولة الإمارات. وقد تم الاستفادة في خلاصة التجارب العربية والعالمية في هذا المجال، فمؤسساتنا الإعلامية تمتلك أحد الأجهزة التقنية. وقد سخرت لها الدولة ميزانية سخية للإسهام في بناء جيل إماراتي عالمي في توجهاته، وطني في انتماءاته، فهل نجحت أجهزتنا الإعلامية في ذلك؟ من المبشرات التي لفتت انتباهي مؤخراً الإعلان عن عدد من الدراسات العلمية لبيان أثر الإعلام الإماراتي في المجتمع، وهذا دليل على صدق نية صانع القرار في قياس أثر صدى أجهزة الإعلام في المجتمع، وأشيد هنا بشجاعة سعادة منصور إبراهيم المنصوري مدير عام المجلس الوطني للإعلام، الذي أعلن عن هذه النتائج وقال "إن المجلس يهدف من خلال هذه الدراسة إلى المساهمة في تطوير استراتيجية عمل القطاع والتعرف على الاتجاهات العامة التي يتسم بها، بحيث تكون خطط العمل والبرامج المنفذة تتواءم مع المستجدات والتطورات". وقد بينت دراسة "مؤشر الثقة بوسائل الإعلام في الإمارات"، التي أجراها المجلس بالتعاون مع معهد الإعلام الأردني أن المعدل العام لثقة المجتمع بالإعلام الإماراتي بلغ 80.5%، وبينت الدراسة أن نسبة الالتزام بالقيم المهنية والأخلاقية بلغت 93.5%، فيما وصلت نسبة الثقة بالمحتوى الإعلامي التحليلي الذي يشمل مواد الرأي والتحليلات والتعليقات الخاصة بشؤون الإمارات إلى 78.7%. وبينت الدارسة أن نسبة اعتماد الجمهور الإماراتي على وسائل الإعلام الإماراتية للحصول على الأخبار، تصل إلى 63% هذا وأظهرت النتائج أن اعتماد الجمهور على القنوات التلفزيونية كمصدر للأخبار والمعلومات في الظروف العادية، يصل إلى 30% والمحطات الإذاعية إلى 5%. كما نشر "مجلس الإمارات للشباب" مؤخراً تقريراً تحت عنوان "مصادر أخبار الشباب"، بالاستناد إلى دراسة استطلاعية أجراها المجلس الوطني للإعلام حول مصادر الشباب للحصول على المعلومات والأخبار، وذلك بالتعاون مع جامعة الإمارات، وقد حلّت شبكات التواصل الاجتماعي في المرتبة الأولى بنسبة 42%، يليها التلفاز بنسبة 23%، فيما حلت الإذاعة في المرتبة الأخيرة بنسبة 4% فقط. هذه الأرقام بحاجة منا إلى وقفات للإجابة عن سؤال كيف نجعل إعلامنا أكثر تأثيراً في مجتمعنا؟ في تصوري أننا بحاجة إلى مراجعة الرسالة الإعلامية من حيث جودتها، ومن يقدم محتواها، فكلما كانت الرسالة أصدق وتحوي البراهين المنطقية زادت قوتها، وبقدر تخصص ناقل تلك الرسالة تزيد قناعة المتابع بمصداقيتها. فمن أبرز التحديات التي تواجهنا في إعلامنا أن المتحدث في غالب الأمر ليس من أصحاب التخصص. وقد برزت لدينا حديثاً ظاهرة الشخصية الإعلامية المتألقة في كل مجال! وصدق العربي عندما قال: فما كل من هز الحسام بضارب ولا كل من أجرى اليراع بكاتب.