هل تعتقدون أن الرئيس ترامب يقضي وقتاً في التفكير في هيلاري كلينتون أكثر من الوقت الذي تمضيه هيلاري في التفكير حوله؟ الأمر كذلك بالفعل. فمنذ بضعة أيام، كان ترامب يناقش قضية روسيا خلال مؤتمر صحفي مع رئيسة وزراء النرويج، عندما أعلن فجأة أن هيلاري «لم تكن تصلح لقيادة جيش قوي، وهيلاري، خصمي، كانت تصارع طواحين الهواء، ولا تصلح سوى لأنواع أخرى من الطاقة، فهي لا تملك نفس القدرات في هذه اللحظة بالتأكيد». وفي الآونة الأخيرة، وبينما كان ترامب يروج للتخفيضات الضريبية ولمرشح للكونجرس في بنسلفانيا، غير الموضوع فجأة ليذَكِّر الحشد بأن هيلاري خلال الحملة الانتخابية كانت تصف مؤيديه بـ«البائسين»، وتساءل: «من كان يعتقد أن هذا سيتحول إلى انتصار ساحق؟»، في إشارة إلى سباق تقدمت خلاله عليه هيلاري في التصويت الشعبي بنحو 2.9 مليون. وفي نهاية هذا الأسبوع، احتفلنا بالذكرى السنوية الأولى لتنصيب ترامب. ونتذكر المسيرات النسائية الضخمة التي أعقبت ذلك، حيث نزل ملايين الأميركيين إلى الشوارع معلنين أن هذا لن يكون نهاية أي شيء. وفي هذه الذكرى الثانية، دعونا نفكر في الجانب الخاص بهيلاري من القصة. ومن وجهة نظري فإن حملتها ربما كان محكوماً عليها بالفشل من البداية، لأنه عندما يخدم رئيس لفترتين، يميل الأميركيون إلى التغيير واختيار الحزب الآخر في المرة التالية، حتى وإن كانت الأمور تمضي بسهولة. وكان هذا عموماً النموذج الحديث، وربما سيصبح أكثر صحة الآن، وقد أصبح ما تبقى من اهتمامنا تسحقه الهواتف النقالة. وأعتقد أن هيلاري كان يمكن أن تظهر بعد الترشيح، مرتدية ملابس بيضاء من أجل مؤيدي حقوق المرأة، وتقول: «انظروا، إنني أحب هؤلاء الرجال، لكني سأكون مختلفة تماماً». وعلى أي حال، هذا لم يحدث. هذه هي النقطة التي نبدأ عندها في السقوط في حفرة مظلمة، والتفكير فيما إذا كان يجب عليها قضاء المزيد من الوقت في ويسكونسن، ثم يأتي، بطبيعة الحال، سؤال آخر حول ما إذا كانت هيلاري قد خسرت لأنها امرأة. والإجابة: نوعاً ما. فقد كان جنسها عائقاً وسبباً مقنعاً، فهل كان الديمقراطيون يريدون أن تكون هيلاري كلينتون هي مرشحتهم؟ وهناك جانب آخر: حتى وإن كان جنسها يمثل مشكلة، فقد سمح لها بتحويل البلد أكثر مما فعله العديد من الرجال الذين فازوا بهذا المنصب، ومع أنها خسرت، إلا أنها جعلت من الطبيعي أن تترشح امرأة لشغل أقوى منصب على هذا الكوكب. وهذا أمر بالغ الأهمية. انظروا إلى الاختراقات التي أحدثتها النساء في القرن الماضي، وستلاحظون أن العديد من هذه الإنجازات تتعلق فقط بجعل وجود المرأة في منصب جديد حقيقة واقعة، فقد كافحت المرأة وناضلت من أجل الفوز بحقها في التصويت. عندما تخرجت هيلاري من كلية الحقوق وبدأت حياتها المهنية، كانت النساء القليلات اللائي استطعن دخول مجلس الشيوخ إما معينات شرفياً أم لفترة رمزية قصيرة أو أرملة سيناتور. ثم جاءت هيلاري، فهي من ناحية زوجة سياسي، ومن ناحية أخرى أثبتت حقيقة أن الكونجرس لن يكون أبداً كله من الرجال. وفي حملة عام 2000، كانت هيلاري في كل مكان تذهب إليه تقريباً تستقطب الحشود المتحمسة التي كانت تأتي لرؤية السيدة الأولى التي تحولت إلى مرشحة، التي مرت بكوارث تفوق كارثة تيتانيك، لكن لا أحد بداً أكثر حماساً من النساء اللائي في مثل عمرها، اللائي أقبلن بأعداد كبيرة. جيل كولينز كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»