يسيطر الحزب الجمهوري حالياً على كلا مجلسي الكونجرس؛ حيث يمتلك أغلبية 42 مقعداً في مجلس النواب، بينما لا يمتلك سوى أغلبية مقعد واحد في مجلس الشيوخ. غير أنه على الرغم من هذه الأرقام، إلا أنه سيكون من السهل أكثر على الديمقراطيين استعادة مجلس النواب مقارنة بقدرتهم على استعادة مجلس الشيوخ خلال الانتخابات النصفية في السادس من نوفمبر المقبل. فوفق قوانين الانتخابات الأميركية، فإن كل عضو في مجلس النواب يجب أن يخضع للانتخاب أو إعادة الانتخاب كل سنتين. ويمتلك الجمهوريون 235 مقعداً، بينما يمتلك الديمقراطيون 193 مقعداً. أما في ما يتعلق بمجلس الشيوخ، فإن الانتخابات ستشمل ثلث أعضاء المجلس الذين يسعون لإعادة الانتخاب كل ست سنوات. ولهذا، فبينما سيتعين على كل أعضاء مجلس النواب الدفاع عن مقاعدهم في انتخابات نوفمبر، فإن 35 مقعداً فقط في مجلس الشيوخ ستكون موضوع تنافس، 26 منها يسيطر عليها الديمقراطيون حاليا. و10 على الأقل من هؤلاء الديمقراطيين يسعون وراء إعادة الانتخاب في ولايات فاز بها دونالد ترامب في 2016. وعلى بعد ستة أشهر فقط من هذه الانتخابات الحاسمة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الديمقراطيين من المرجح أن يفوزوا بـ25 مقعداً الضرورية من أجل الحصول على أغلبية 218، وبالتالي السيطرة على مجلس النواب. وحتى بافتراض أن الجمهوريين واصلوا السيطرة على مجلس الشيوخ، فإن من شأن فوز الديمقراطيين بمجلس النواب أن يفرز تداعيات كبيرة بالنسبة للسنتين المتبقيتين من عمر إدارة ترامب الأولى. ويمتلك مجلس الشيوخ سلطة «محفظة النقود»، ذلك أن كل المخصصات المالية المهمة يجب أن تحظى بموافقة أغلبية الأعضاء. كما أن كل مهام اللجان، بما في ذلك رؤساء كل لجنة، توجد في يد رئيس مجلس النواب. وإضافة إلى ذلك، يسيطر رئيس مجلس النواب على أجندة المجلس ويمكنه تحديد متى وما إذا كانت مشاريع القوانين ستُعرض على كل المجلس من أجل مناقشتها والتصويت عليها. بعبارة أخرى، إن سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب يمكنها أن تنهي فعلياً الكثير من التشريعات المثيرة للجدل التي اقترحها ويقترحها البيت الأبيض تحت رئاسة ترامب، كما يمكن أن تعيد فتح العديد من التحقيقات في سلوكات إدارة ترامب خلال العامين الأولين في الرئاسة. وفي مقدمة الملفات التي يمكن إعادة فتحها ملف لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، المثيرة للجدل والمنحازة، والتي يقال إنها استخفت بالتحقيق في علاقة ترامب مع روسيا خلال انتخابات عام 2016 الرئاسية، مع إمكانية الاستماع إلى شهود جدد وإصدار تقارير جديدة حول هذا الموضوع. وهو ما من شأنه أن يضمن استمرار الموضوع الروسي في مطاردة البيت الأبيض وقض مضجعه في وقت يبدأ فيه الاستعداد لحملة عام 2020 الرئاسية. والمهم بالقدر نفسه أن اللجان التي يسيطر عليها الديمقراطيون ستكون قادرة على فتح تحقيقات جديدة في سلوك بعض الوكالات الفيدرالية التي أثارت الجدل في عهد إدارة ترامب، والتي أثارت استياءً واستنكاراً في وسائل الإعلام الليبرالية بين النشطاء الديمقراطيين. هذه القائمة تشمل «وكالة حماية البيئة» ورئيسها سكوت بروت الذي راح يلغي بشكل ممنهج الكثير من الأوامر التنفيذية لإدارة أوباما المتعلقة بحماية البيئة وتحسين فعالية الطاقة. والواقع أن بروت نفسه كان محل تحقيق ومساءلة دائمين على خلفية استعماله للمال العام في إدارة وكالته واستخدام وسائل نقل باهظة للغاية من أجل زيارة العديد من الأماكن التي يقول إنها تندرج في إطار مهامه. والانتقادات نفسها تنطبق أيضاً على وزير الداخلية ريان زينك وجهود وزارته الرامية إلى إضعاف القوانين الفيدرالية التي تحمي الأراضي الفيدرالية، وخاصة في الولايات الغربية للولايات المتحدة. وعلى غرار بروت، فإن زينك متهَمٌ أيضاً بالاستخدام المفرط للمال العام من أجل أسفار باهظة، ومن ذلك استخدام طائرات خاصة وطائرات هيلوكبتر. ولا شك في أن الكثير من المسؤولين الآخرين سيخضعون هم أيضاً للتحقيق والمساءلة في حال سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب. وبالنظر إلى الاستقطاب الحزبي الكبير الموجود في الكونجرس، يمكن القول إن أفضل آمال ترامب في حال فوز الديمقراطيين هو التوصل إلى اتفاق وإبطاء الوتيرة أو إنهاء جهود إدارته الرامية إلى تدمير قانون «الرعاية الصحية المتاحة» الذي وقّعه الرئيس باراك أوباما (أوباماكير) والتوصل لاتفاق بين الحزبين حول إصلاح حقيقي وإنساني لقانون الهجرة. والواقع أن ترامب يستطيع البقاء والاستمرار في الرئاسة رغم فوز للديمقراطيين في الانتخابات النصفية؛ لكن حتى يستطيع الحكم، قد يضطر لتقديم تنازلات سياسية ستثير استياء قاعدته الانتخابية المتشددة التي يجب أن يعتمد عليها في انتخابات عام 2020 الرئاسية.