يولد كل عام 15 مليون طفل قبل أن يقضوا في أرحام أمهاتهم المدة الكاملة للحمل الطبيعي، وهي الولادات المبكرة التي ترتبط بمليون وفاة سنوياً، وتأتي الولادة المبكرة على رأس قائمة أسباب الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة. حيث يفترض في الحمل الطبيعي أن يستمر 40 أسبوعاً في المتوسط. وهو ما يجعل كل طفل، ولد قبل إتمام 37 أسبوعاً في رحم أمه، طفلا مبتسراً. وللأسف في جزء كبير من حالات الولادة المبكرة، يبقى السبب خفياً وغير معروف، حيث يبدو أن هناك العديد من العوامل المتداخلة والمعقدة التي تؤدي للولادة المبكرة، مما يجعل هدف خفض معدلات الولادات المبكرة، غاية لا زالت صعبة المنال لحد كبير. لكن، إن كانت الأسباب خلف الولادات المبكرة غير معروفة في جزء كبير من الحالات، فإن الثمن الإنساني المتمثل في معدلات الوفيات والإعاقات الدائمة بين هؤلاء الأطفال، واضح ومحدد. ولطالما تركزت التدخلات الطبية على خفض نسبة الوفيات، وعلى تحسين صحة الأطفال الذين ولدوا مبكراً، وإن كانت هذه الجهود فشلت في خفض معدلات الولادة المبكرة. ولذا تزايد الاهتمام بتوجيه التدخلات الطبية المعنية بخفض تأثير عوامل الخطر المرتبطة بالولادة المبكرة، ووجهت الجهود نحو تطوير وتطبيق هذه التدخلات، كخط دفاع أساسي للحد من المشاكل الصحية الخطيرة التي يتعرض لها الأطفال المولودين مبكراً. وترتكز هذه الاستراتيجية لحد كبير على التشخيص المبكر للحوامل اللاتي قد يلدن مبكراً، وهو المحور الذي تلقى مؤخراً دفعة كبيرة، قد تصل إلى حد توصيفها بالاختراق الطبي. فوفقاً لما نشر في العدد الأخير من الدورية العلمية المتخصصة (Science)، فقد نجح علماء جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة، في تطوير تحليل دم يمكنه تحديد حالات الحمل المعرضة لخطر الولادة المبكرة، وبنسبة دقة تصل 80?، كما أنه يعادل فحص الموجات الصوتية في التنبؤ بموعد الولادة. ويعتمد هذا الفحص على قياس نشاط المادة الوراثية أو الأحماض النووية (RNAs)، والتي تصل إلى دم الأم، من الجنين، ومن المشيمة، ومن الأم نفسها. فمن خلال جمع عينات دم من الأمهات الحوامل، بشكل أسبوعي لقياس التغيرات في مستوى الأحماض النووية، يمكن التعرف على أي منها مرتبط بعمر الجنين، وباحتمالات الولادة المبكرة. وبالفعل ساعد هذا الأسلوب على توقع حدوث ولادة مبكرة، قبل شهرين من حدوثها. وإن كان تطبيق هذا الفحص بشكل واسع سيحتاج إلى المزيد من الدراسات لتأكيد نتائجه، بشكل يسمح باعتماده كإجراء روتيني أثناء الحمل، خصوصاً للنساء المعرضات لخطر الولادة المبكرة بشكل أكبر. ورغم أن جزءاً كبيراً من الولادات المبكرة يبقى مجهول السبب، ومستعصياً على الفهم، فهناك مجموعة من عوامل الخطر المعروف ارتباطها بنهاية الحمل قبل اكتمال مدته، مثل وجود تاريخ سابق للولادة المبكرة أو الإجهاض، والحمل بتوأمين أو أكثر، ووجود تشوهات تشريحية في الرحم، والإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، وقصور الكليتين، ووقوع عدوى في الرحم مثل العدوى ببعض الأمراض التناسلية، والتدخين، وتناول الكحوليات، وإدمان المخدرات، وحدوث الحمل قبل سن الثامنة عشرة، أو بعد سن الخامسة والثلاثين، وسوء التغذية أثناء الحمل، وحدوث نزف، والإصابة بتسمم الحمل.