كثير من علماء الغرب وفلاسفته اعتنقوا الإسلام، بعد أن تبنوا منه مواقف سلبية واضحة في البداية، لكنهم درسوا كثيراً من حقائقه العقدية والتشريعية وبذلوا جهداً للبحث في مقوماته الكبرى وللغوص في تراثه ونصوصه ورموزه، لتنفتح أمامهم كل الأبواب التي ترشدهم للتعرف على هذا الدين الحنيف. وسأكتفي هنا بمثالين أشار إليهما إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي في كتابه «الأدلة المادية على وجود الله». الأول: البروفيسور التايلاندي «تاجاثات جاسين»، وهو أحد أكبر علماء التشريح، وقد تحدث في أحد المؤتمرات العلمية عن موضوع الأعصاب، وكيف أنها موجودة تحت الجلد مباشرة بحيث إذا احترق الجلد انتهى الإحساس بالألم تماماً. وعندما قيل له إن القرآن يقول: «كُلَّمَا نَضجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ» (سورة النساء: الآية 56)، وأن الله تعالى أراد أن يلفتنا بهذه الآيات إلى أن عذاب النار عذاب دائم ومستمر لا يخفف ولا يتوقف، لما كان في علمه سبحانه وتعالى -وهو الخالق- أن الجلود إذا احترقت انتهى إحساس الإنسان بالألم، نبّهنا إلى أن جلود أهل النار كلما احترقت بدلهم الله جلوداً غيرها ليستمر شعورهم بالعذاب.. عندئذ سأل هذا العالِم: أهذا الكلام قيل منذ أربعة عشر قرناً بالفعل؟ قالو له: نعم. قال: إن هذه الحقيقة لم يعرفها العلم إلا حديثاً، ولا يمكن أن يكون قائلها بشراً، بل هي من عند الله سبحانه وتعالى فحسب. ثم سرعان ما دفعت هذه الحقيقة وغيرها من الحقائق الأخرى البروفيسور تاجاثات إلى أن يعلن إسلامه أمام الناس في مؤتمر عام، وذلك عند ما وجد بين يديه الدليل المادي على وجود الله، فنطق بالشهادتين (الشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله). أما المثال الثاني فهو البروفيسور الكندي «كيث ل. مور» الذي يعد أحد أشهر علماء العالم في علم الأجنة، وهو رئيس الاتحاد الكندي الأميركي لعلماء الأجنة، وله العديد من المؤلفات المترجمة إلى عدة لغات، والذي قيل له إن القرآن الكريم تحدث عن أطوار الجنين، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» (سورة المؤمنون: الآيات 12 - 14). عندئذ ذُهل الدكتور كيث، وقال إن ما ذكر في القرآن ليس وصفاً دقيقاً فقط لشكل الجنين الخارجي، ولكنه وصف دقيق لتكوينه، ذلك أنه في مرحلة العلقة تكون الدماء محبوسة في العروق الدقيقة على هيئة دم متجمد، وأن أطوار الجنين في بطن أمه، والتي تم التقاطها بأحدث الأجهزة العلمية، تنطبق تماماً على كل ما ذكر في القرآن الكريم من مراحل تكوين العظام واللحم. ثم أضاف: إن العالم كله في ذلك الوقت لم يكن يعرف أن الجنين يخلق أطواراً، فما بالكم بتحديد مراحل هذه الأطوار التي لم يستطع العلم حتى الآن أن يحددها بهذه السهولة والدقة، بل إن العلم لم يستطع حتى الآن تسمية أطوار الجنين، بل أعطاها أرقاماً بشكل معقد غير مفهوم، بينما جاءت في القرآن بأسماء محددة وبسيطة وغاية في الدقة.