نتابع انتفاضة الشعب الإيراني التي امتدت إلى مختلف مدن ومناطق البلاد، وجاءت نتيجة طبيعية للحصاد المر لسياسات ملالي طهران لأكثر من 35 عاماً، عقود متواصلة من حلم تصدير ما يسمى بالثورة الخمينية، جعلت الذين تلبستهم أحلام وأوهام جنون العظمة يمنحون أنفسهم تفويضاً على بياض للتدخل في شؤون الآخرين وزعزعة أمن واستقرار المنطقة والعالم. اليوم إيران تتجرع مرارة الكأس ذاتها التي سقتها في مناطق شتى من عالمنا وبالذات في منطقتنا التي كانت تنتظر من الجار الإيراني أن يكون عنصراً إيجابياً يساهم في بناء جسور من الصداقة والتعاون بين شركاء الإقليم من أجل تنمية بلدان ورخاء وازدهار شعوبه، ولكنه اختار أن يكون معول هدم، وبؤرة شر مستطير في المنطقة، كرس الاحتلال الشاهنشاهي لجزرنا المحتلة الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، بل كان أسوأ من نظام الشاه بمحاولاته المستميتة لتغيير ديموغرافية الجزر الإماراتية الثلاث، معرضاً عن كل دعوات الإمارات لإنهاء احتلال هذه الجزر سلمياً بالحوار المباشر، أو اللجوء للتحكيم الدولي. مضت كيران الشر الإيرانية تنفخ في فتن طائفية ومذهبية ودعم الإرهاب وإيواء الإرهابيين والتدخل الفج في شؤون دول الجوار في محاولات بائسة يائسة للإطاحة بأنظمتها وتنصيب دمى تابعة لملالي طهران. شاهدنا العصابات التابعة للباسيج وشراذم حزب اللات وفلول جماعة «الإخوان» الإرهابية، وهي تعيث فساداً وقتلا وتدميراً في منطقتنا. اليوم عندما يتعاطف العالم مع انتفاضة الشعب الإيراني فإنما يدرك أنها إرادة شعب مقهور يتطلع لفجر جديد ومكانة تليق به بين الأمم بعد أن بدد نظام الملالي ثرواته ومقدراته في تلك المغامرات والحروب العبثية، وجعلت أكثر من 70 بالمئة من سكان أحد أغنى بلدان المنطقة يعيشون تحت خط الفقر، بينما تجاوزت نسبة البطالة 35 بالمئة مع تردي الأوضاع المعيشية للسكان. لا أحد يتنبأ بما ستسفر عنه مجريات الأحداث المشتعلة في إيران، ولكنها كشفت مدى هشاشة الصنم الذي تصور نفسه مارداً يملك القدرة على تغيير خارطة المنطقة وتركيبتها، دون أن يدرك أن لصبر الشعوب حدوداً، وأن العرقيات غير الفارسية تنتفض اليوم بعد عقود من التهميش والظلم. الجهة الوحيدة التي تتجاهل انتفاضة الشعب الإيراني هي قناة الفتن والتحريض التي دأبت على نشر وتلفيق الأكاذيب، واختارت أن تلوذ بالصمت عما يجري عند الجارة «الشريفة» تأكيداً لمهنيتها العالية!!