تفقد الأشياء رونقها مع الوقت. (حقيقة) لا تفقد الأشياء رونقها مع الوقت، فما يحدث في واقع الأمر، أننا نفتقد شعورنا برونق الأشياء، وتزول دهشتنا بعد كل اكتشاف، فيخفت وميض الترقب والتعلق. (واقع) تقول صديقة لي: إن العلم والمعرفة والاطلاع من الأسباب التي تجعلنا نشعر بالضجر سريعاً من كل ما هو حولنا، فكلما زادت معرفتنا.. بدت الأمور عادية، والتفاصيل رتيبة، والنهايات متوقعة، فتزول الدهشة وتذوب المتعة. (وجهة نظر) رغم كل ما سبق - سواء اتفقتُ معه أم اختلفتُ- يبقى ولعي بالحصول على تلك المشاعر التي تحدثها «فيني» حالة الدهشة، لا حدود له، وأملي الوحيد في تذوق هذا العالم الذي نعيشه ببعض من المتعة، ولأني على قناعة بأننا في بداية رحلة العمر نكون كمن استقل مقعداً في القطار مجاوراً النافذة في اتجاه الطريق المقصود، مستقبلاً القادم بشغف وانبهار، وفجأة وفي غفلة منه إذا بالمقعد ينعكس مكانه، فيعطي ظهره للطريق المقصود. فتمر الأشياء علينا قادمة من الخلف، من الماضي، من ذكريات الانبهار والمفاجأة، ولحظات الشغف والإثارة الأولى، فلا يعود فيها ما يدهش أو يفاجئ. رغم تلك القناعة، فإننا نبقى مستقلين نفس المقعد، وعلينا خلق متعتنا من تلك الصورة القادمة من الخلف، ودمجها بحاضرنا في خلطة سحرية نبث فيها الحياة ونستحضر فيها الدهشة. ??? في لهثنا وراء الدهشة، تتحول بلا تعمد منا إلى معيار لتقييم الكثير مما نتعرض له يومياً، فتزداد قوة وحضور الأمور التي تحدث فينا دهشة، وتبقى فاعليتها في أيامنا كلما استمرت بارزة ولم يُخمد بريقَها أمرٌ آخر يتفوق عليها في إحداث الدهشة. يميل البعض إلى الخلط بين الجمال والدهشة، كون الأمرين يحدثان حالة من المشاعر المتطرفة في حركتها العادية، فتخالجنا مشاعر هي مزيج بين اللذة والمتعة والانبهار، غير أن الأمرين مختلفان - حسب ما يصر البعض عليه_، فليس كل ما يدهشك هو أمر جميل، فقد تدهشنا شدة القبح، وحجم السوء، ولكن في حقيقة الأمر، الحالة الجمالية في أمور كهذه إنما تكمن في قدر المعرفة التي تفاجئك بها الحياة وسلوك البشر، وما تحدثه في نفسك من أمور غير ما عرفته طيلة حياتك. ‏Als.almenhaly@admedia.ae