الدبلوماسية في نظري هي توظيف الذكاء الاجتماعي والتحليل السياسي، والقدرة على احتواء الآخر بسلاسة لا تعرف ردود الفعل أو الانفعال والبحث عن حلول ومخارج، وضمان تقديم ما يعبر عن حضارتك وثقافة أهلك وتاريخ بلادك، والتعامل بقوة ناعمة تترك انطباعاً جميلاً وتأثيراً عظيماً يكون نموذجاً للآخرين. هذا ما لمسته من تعاملي مع سفارة الدولة في جمهورية كوريا الجنوبية، القائمون على أعمالها قلصوا المساحات الجغرافية والمسطحات المائية، فشكل وجودهم وطناً مصغراً احتوى المريض فأعطاه الأمل، وآنس غربة طالب العلم وحفزه على أن يكون سفير المستقبل، وحاكى فضول السائح حتى قرر أن يزور تلك البلاد مرة أخرى وهو مطمئن. إنها بيتنا وفيها من يهمه أمرنا وهي الملجئ والملاذ الأول والأخير. وكم يفتخر المرء عندما يجد أبناء وطنه وقد رفعوا علمه يرفرف عالياً، وعندما يرى ما حققه الباني المؤسس، فظهرت المرأة الإماراتية في أبهى صورها وقد مَكَّنها وأبرز دورها وعزز مكانتها وجعلها -الشيخ زايد رحمه الله- «عضيدة» الرجل، وهي مكانة الند وليست مكانة التابع. لقد كان الشيخ زايد -طيب الله ثراه- حكيماً من الطراز الأول، فكلماته كانت منتقاة بدقة وتوظيف لا ينم إلا عن فكر ورؤية ثاقبة، واستشراف لمستقبل المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد خرجت المرأة لتكون وزيرة وسفيرة وموظفة مميزة، مثال ذلك مهرة الظنحاني، وعلياء النوبي وغيرهما من المثابرات في حب الوطن وخدمته؛ هناك علاقة أسرية تربط هذا السلك الدبلوماسي بأبناء الوطن المغتربين لأسبابهم المختلفة. وهناك ذكاء دبلوماسي يمارسه العاملون في هذه البعثة، فلم أسمع منهم سوى «أبشري» و «عونك» و«في الشوفة». حفظ الله قيادتنا الرشيدة وعيال زايد الذين يمثلون الدولة، ويعكفون على نشر عناصر الحضارة والدروس التي ما زلنا نتعلمها من الشيخ زايد -طيب الله ثراه- غائب حاضر قائد مسيرة منقطعة النظير. للعارفين أقول، نحن نعيش تاريخ وطننا المجيد الآن، وسنخدم الإمارات وقيادتنا الحكيمة، وعيال زايد، طيب الله ثراه، فلا ننظر إلى مادة أو مصلحة، بل إلى خدمة وطن لا مثيل له حتى رمقنا الأخير. شكراً لسفارة دولتنا في كوريا الجنوبية، فكل ما نقدمه سوياً هو رد لجميل الباني المؤسس، والله يقدرنا على فعل ذلك في كل زمانٍ ومكان، لاسيما في عام زايد 2018.