يبدو أن موضوع التوظيف لست الوحيد الذي حاول أن يجس النبض فيه لتلك المعارض والمنصات التي تعلن عن وظائف شاغرة للمواطنين، فهناك الكثير ممن شكا ويشكو وسيشكو من تلك المنصات شبه الوهمية، فقط ليقولوا للناس إن تلك الجهة شاركت في معرض التوظيف، وقد كلفتها المنصة مبلغاً وقدره، وأن تلك الجهة ألزمت الواقفين في منصتها بارتداء «الحمدانية» وركّزت «دلال أرسلان» على تخوم مضاربها، دليل الأصالة والتقاليد الموغلة في القدم، وهم في الحقيقة ليس لديهم إلا أمران: «اترك لنا الـ«سي في» ونحن بنتواصل معك»! وبعض الجهات قال يعني متطورة، ولا تعترف بالورق، ومن أنصار البيئة الخضراء، تكتفي الموظفة المرتجفة، ربما لأنها لم تثبّت بعد في وظيفتها: «هذا موقعنا على الأنترنت، ادخل عليه وسجل بياناتك، وبعدها بنرسل لك «أس أم أس» لتحديد المقابلة»، الجهة التي طلبت الـ«سي في» لم ترد، واكتفت بالـ«سي في»، والجهة أم الـ«أس أم أس» موقعهم لا يشتغل، وهم ليسوا من أنصار البيئة أساساً! هكذا ترى الخريجين «طَرّوق» من إمارة لإمارة يتبعون معارض التوظيف، وآخرها الذي كان في عجمان، وعجمان بعدها لم تجف فيها أوراق قضية المواطن المزروعي الذي كسروا خاطره الصغار، فأنصفه الكبار، في معرض عجمان هذا يبدو أن البعض من الموظفين لم يتعظ من «قضية المزروعي»، أو أن الجهل يركب البعض، ويتصرف بالنيابة، وبطريقة خاطئة، تسيء للمواطن والوطن، ولا ترضي حكمة المسؤولين الذي يبنون صوراً زاهية للإمارات، ويأتي أحد بجهله وحماقته، ويخرب تلك الصورة الجميلة، فإحدى الباحثات عن وظيفة ذهبت من أبوظبي لعجمان لأنه وصلها إعلان عن معرض للوظائف، فقالت لأجرب حظي، وصلت المكان فجراً، وفي يدها ملف مكتمل فيه؛ شهادتها الجامعية، وصور لجواز الإمارات، وبطاقة الهوية، وخلاصة القيد، وكتب من جهات الخبرة التي عملت بها من قبل، فقدمت لجهتين في تلك المنصة، رأت أن تخصصها الجامعي يمكن أن يفيدها، الجهة الأولى بعد تفحص الأوراق، قال لها ذلك الموظف غير الواثق بنفسه: «معقول أنت تتكلمين أربع لغات مثل ما كاتبة في الـ«سي في» هذا»؟ فهزت رأسها مرتين؛ مرة للتأكيد للموظف بنعم، والمرة الثانية مستغربة ودهشة للسؤال، فرد الموظف: «بصراحة لو أنا مثلك عندي أربع لغات، وقسماً ما برضى بأي وظيفة، علشان هالشكل نحن ما عندنا وظيفة لك»! أما الجهة الثانية التي قدمت لها، فتلقت إهانة علنية، ونوعاً من العنصرية لا يقدم عليه إنسان هذا الوطن الحقيقي، لكن لا نستطيع أن ندافع عن الحمقى والجهلة، فقد انبرت لها موظفة بتقدير سيئ، ومواطنة بتقدير جاهلة، فأول ما رأت أوراقها، قالت لها: أنت مواطنة معقول! فمدت الفتاة لها بالجواز وخلاصة القيد الأصليين لتتأكد، هنا تمادت الموظفة في جهلها وتوَحّلت في خطئها: «صحيح عندك جواز الإمارات، بس شكلك مش مواطنة»! لملمت تلك الفتاة أوراقها، وعزّة نفسها، وقالت للموظفة: «جئت أبحث عن وظيفة.. لا إهانة، شكراً لك»!