منذ أن انتشر المقطع المصور لمواطنة في مواجهة زائرتين عربيتين تمتهنان التمثيل على خلفية عدم احتشامهما، والقضية في تفاعل مستمر، وموضع نقاش واسع زاده اشتعالا تصريح أحد مسؤولي شرطة دبي. ما أن قرأت تصريحاته حتى برزت أمامي لقطات من أول أفلام «الفك المفترس» وطريقة تعامل مسؤول شرطة المدينة التي جرت فيها الأحداث، وانصب اهتمامه على طمأنة السياح بينما كان القرش يفتك برواد البحر. المسؤول الرفيع بشرطة دبي لم يسمِ الأشياء بمسمياتها، في مسألة أراد البعض تصويرها كقضية «تهكم» من «امرأة لم يتم التأكد من هويتها»، وكما قال يجري: «التدقيق في كاميرات المراقبة»، متوعدا إياها بالمتابعة والملاحقة القانونية!!. وخصص التصريح لطمأنة الزوار، وإدانة تصرف «المواطنة» الذي انقسم حوله الرأي العام، وغالبيته وقف إلى صفها، منتقدا بشدة تفشي عدم الاحتشام في المراكز التجارية والأماكن العامة بصورة مستفزة، جعلت الكثير من العائلات المحافظة تصرف النظر عن الذهاب اليها. ولم نسمع من هذا المسؤول أي كلمة تدعو الأجانب والزوار إلى احترام خصوصية مجتمع الإمارات. كنت أتمنى منه، طالما دقق في الكاميرات وما سجلته أن يكشف للرأي العام سر الغضب العارم الذي دفع «المواطنة» إلى «سب» الزائرتين. وطالما أنه يتابع وسائل التواصل الاجتماعي بدقة، من موقعه الرفيع في «التحريات»، تمنيت منه احتراما للرأي العام أيضا لو أوضح ما تم تناقله بأن «المواطنة» اُستفزت لما رأت إحدى السيدتين تخرج من غرفة القياس بملابسها الداخلية بصورة خادشة للحياء في مكان عام. لا أحد أكثر حرصا من أبناء البلاد في إبراز الصورة المضيافة للإمارات من تسامح وحسن تعايش يعد مضربا للمثل، ولكن الأمور بلغت درجة غير مقبولة من الاستفزاز لإصرار البعض من الزوار الأجانب، ومنهم للأسف عرب، على عدم احترام ثقافة وتقاليد وعادات البلاد. لا أحد يريد من نسائهم ارتداء «برقع طالبان» أو «التنقب»، وإنما حد أدنى من الاحترام لمجتمع الإمارات، وللدولة التي حرصت على توفير كل التسهيلات لجعل إقامتهم مريحة وممتعة. طرحنا مرارا وتكرارا ضرورة الإسراع في إصدار قانون اتحادي للاحتشام، ولكن لا أحد يتذكر الأمر سوى بعد وقوع مثل هذه المواجهة التي عرفت على مواقع التواصل الاجتماعي بـ «فيديو المواطنة»، وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.