- الموقف الأمني في روسيا أثناء مجريات كأس العالم غير مطروح للنقاش، فهو أمر محسوم، قولاً وفعلاً وفصلاً، ولا أحد يستطيع أن يلعب أو يتلاعب مع روسيا «الكبيرة»، خاصة حين تكون السمعة الدولية في المحك، وهو مقياس يختلف عن مقياس الولايات المتحدة مثلاً في النظر للأمور ومجرياتها، فروسيا مقابل حماية سمعتها بين الدول مستعدة أن تجرف كل شيء في طريقها، ولن تعترف بنداءات أو شجب أو احتجاجات تخص حقوق الإنسان والحريات أو البيئة أو الحزب الأخضر، فالأمن والسمعة يفرضان الكثير من التضحيات، وروسيا لا تلعب في السياسة، لعبتها الوحيدة التي تشارك فيها هي كرة القدم، ولو قدرت لسيّستها، وكثيراً ما فعلت في الزمن الغابر! - أشياء تلزمك أن تحترمها، حينما ودع المنتخب الياباني بطولة كأس العالم، وقبل أن يغادر الملعب أو المركب الرياضي على رأي أخواننا المغاربة، قاموا بتنظيف غرفة الملابس الخاصة بهم ومرفقاتها، وسلموها كما استلموها مع ورقة كتبوا عليها «شكراً» بالروسية، هؤلاء الناس يفرضون على العالم أن يحترمهم، وأول هذا الاحترام كان في مسابقات الفيفا ولأول مرة يصعد منتخب بسبب اللعب النظيف، واليابانيون في حياتهم لا يفرقون بين النظافة، سواء أكانت في اللعب أو في الحياة! - فرق الدول الإسكندنافية خرجت كما دخلت بروح رياضية عالية، لا دموع قابلة للشفقة، ولا حسرة على الوجوه التي اعترفت بهزيمتها، لأن هناك منتخبات أفضل منها، وهي في البداية والنهاية لعبت فأجادت، وقدمت مستواها المشهود لها، وجهدها في المستطيل الأخضر، عدا ذلك لا يعترفون بعاطفة جياشة، وانهيار نفسي، وتأثر حد الوجع، ولاعبون لا يودون مفارقة الملعب، وعياط يستدرج كاميرات وعيون العالم، وحدها الوجوه الصهباء، نسل «الفايكنغ» خرجت، ومآقي العيون جافة، غير عرق الملاعب على جباهها! - هناك منتخبات ترتعد من تاريخها الكروي، وتشعرك كم هو ثقيل، وتحمله معها في كل بطولة لكأس العالم، وإن لم تفز بالكأس وبالبطولة تجد الناس يتباكون، وهم يبكون على ضياع الفرصة، وكأن كارثة حلّت بهم إن خرجوا من أي بطولة في أي من الأدوار، والبرازيل هنا المثل، لا أدري لما حينما يشاركون في أي بطولة للعالم يجعلون الناس تحمل معهم أثقال تركتهم التاريخية المزينة بالبطولات، وتحشدهم معها، وضد الفرق الأخرى، فبلجيكا ظلت تناضل وحدها، ولَم ينتبه لها الناس إلا حينما وصلت الأدوار النهائية، وسويسرا لم يعرف الكثير من الناس إن شاركت في هذه البطولة أم لا، طبيعة البرازيل أنها لا تودع أي بطولة دون سكب الدموع على مدرجاتها، لأن التاريخ ليس وحده المسعف دائماً!