يسألني أحدهم ماذا تعني القصة؟، أقول له القصة هي شكل من أشكال الأدب المكتوب، يجيب أن الأدب سلوك محمود وعلى الجميع التحلي به! الرجل لا يعرف المفهوم، فهو لم يقرأ كتاباً أدبياً في حياته، مصادر ثقافته هي الجرائد اليومية فقط. وآخر عهده بالكتب كان أيام الجامعة، كتب ظلت بأغلفتها حتى التخرج. الناس الذين لا يقرؤون لا يعرفون أن «القصة» كائن فني يعزز قيمة الحياة. في ملتقى الشارقة للسرد الذي يقام لأول مرة في مدينة «الأُقصر» الأثرية حيث خط الإنسان القديم حكايته، ودعماً لقيمة مصر في الأدب العربي، يحتفي المشاركون بالقصة القصيرة متناولين مفهوم «الرهان على التجديد» للخروج من إطار القصة التقليدي. الشارقة المثقفة تدرك قيمة الكلمة المكتوبة وتحتفي بها في «طيبة» عاصمة مصر الفرعونية. في القصة تخليد لحكاية الإنسان على وجه الأرض. والحكاية ليست فقط سرد، هي في ثيمة التأمل في هذا السرد. أنت لا تقول الحكاية لتمضية الوقت، تكون حينها مجرد مثرثر، ولا تقول الحكاية كي تنام أو كي تضحك. ومع أهمية النوم والضحك تكمن قيمة الحكاية في توقفك عند محطاتها المهمة المؤثرة، تلك التي سقطت فيها دمعة من عيون بريئة، ونهضت فيها فتاة فقيرة تنفض ثوبها من غبار الطريق، وعض فيها ظالم على إصبع الندم، وتذوق فيها سجين طعم الحرية، وحركت فيها الريح أشرعة قوارب كادت تموت في عرض البحر، تلك المحطات التي تغير الطريق وتنشئ طريقاً.. وتعيد وجهات النظر لزوايا رؤية مختلفة. كل ذلك كي يتم اعتماد منهجيات إدارية من شأنها تحسين حياة الإنسان وإعطاء الحقوق لأصحابها وتقدير قيمة الإنسان والاحتفاء بوجوده كما يليق بكائن نفخ فيه الله من روحه. القصة، في صورتها الأمثل، ليست كتابة تسال، هي الدستور المكتوب بشكل فني لتطوير الحياة وتبجيل التجربة الإنسانية، وبهذا الدستور وحده يمكن أن يعم السلام روح الفرد ويضيء دربه وإن وسط الخراب. *** عزيزي قارئ الجرائد، أنت لا تزال بعيداً، اطلاعك على أخبار العالم أمر مهم يقربك من الأرض التي تقف عليها ولكن تبقى بعيداً عن فهم طبيعة تلك الوقفة. ما رأيك أن تمسك بكتاب أدبي أحياناً وترى تلك الأخبار وكيف شكلت حياة البشر على مدار التاريخ وكيف يمكن أن تؤثر على حياتك في المستقبل، فتذهب بفكرك بعيداً وتصير من روحك أقرب.