القاعة مبنى مؤسسة اتصالات. المراجعون جالسون، في انتظار أدوارهم أو أقدارهم. فـ«الشابكة» قدر مقدر علينا وليس لنا قدرة على رفضه. جاؤوا من كل (حدب وصوب) وفق البلاغة البليغة، برغم أني لم أبلغ من البلاغة المعرفة التي تفسر لي معنى (حدب)، لأن هذه الكلمة توحي إليّ بذلك النتوء أو الانحناء الذي يصيب الإنسان في ظهره لتشوه خلقي أو إصابة أو تقدم في العمر، فنصف حال هذا الشخص بالأحدب. ولو أزحنا (أ) من أحدب لأصبحت الكلمة «حدب» أي حنّ أو عطف. إذن جاء كل هؤلاء المراجعين من كل أنحاء الكرة الأرضية المحدبة لتحدب عليهم مؤسسة اتصالات! ها أنا أنتظر وصول رقمي إلى منصة الموظفين أو الموظفات، وأنتظر أن تحدب عليّ إحداهن فتنجز معاملتي. برغم أن الأرقام التي قبلي طويلة. لكني سأنهض مسرورة بعد أن جلست أتأمل وجوه المحظوظين الذين يجلسون أمام الموظف الذي (انخرط) معهم في الحديث. ولأني (انخرطت) في التأمل خشيت أن (أنخرق) من طول الانتظار! أنا هنا الآن للمراجعة بسبب العطل في الإنترنت أو (الشابكة) كما ترجمها أحد المحاضرين في دولة عربية تحاول عدم الانخراط في اللغة الكونية!
الساعة الواحدة بعد الظهر وأشك أن رقمي سيصل قبل انصراف الموظفين وانصلاح عطل «السيستم»! لكن لماذا أنا هنا؟! لأن رسالة (مسج) وصلتني من مؤسسة الاتصالات حين فتحت (الإنترنت) أي حاولت (دخول الشابكة) فبرزت الرسالة التي تقول إن شابكتي قد اشتبكت مع شابك آخر، ربما يكون (هكر) كما قالت لي الموظفة بعد ذلك. وعليّ أن أراجع المؤسسة لأغيّر (اليوزرنيم) و(الباس ورد) ألا تبدو الكلمة في الأبجدية العربية وكأنها (الباسٌ من ورد!؟) أو اسم المستخدم وكلمة السر. لكن غريب الأمر أنه إذا كانت الشابكة لا تشبك إلا بكلمة سر نهمس بها في أذنها حتى لا يسمعنا أحد فكيف سُرقت وسرها محفوظ في سرنا!؟
ولأن الشك بعض فضائل الإنسان والشابكة، فقد ذهب بي إلى أحد العمال الذي جاء إلى بيتي ليضيف إلى شابكتي العرجاء شابكة أخرى تقوّيها لتصل إلى غرفة المكتبة والغرف الأخرى طبعاً، لأن عدم وصولها خطأ لا يجوز في زمن تلف علينا فيه الشابكات شباكها حتى اشتبك علينا أمر عيشنا واختلط بسببها التفريق بين السرّي والمعلن، وبين الوضوح والمبهم! فأجهزة الفضاء وأطواق الشابكة، تتدفق لتخترق مشاعرنا وهمسنا ونوايانا وبيوتنا وأحلامنا وحتى خفاء أفكارنا!