رفض الدخول إلى المنزل، قاوم بشدة، ركض في كل الاتجاهات، ولكن لم يُفلت من الحبل الغيظي الذي ربط في رقبته، الحبل الطويل يساعد على تحاشي اندفاعه وخطر قرنيه الحادين مثل الحراب، الخروف أحدهم يقتاده بقوة وآخر يدفعه من الخلف وجلبة كبيرة من أطفال الحي والبيت. الأطفال كانوا في أشد السعادة برؤية خروف يجر عنوة إلى الدار، بعد أن ربط في الحوش على جذع شجرة، وظل الصغار مرابطين جواره، بعضهم يحاول تلمس صوفه، وبعضهم يحمل آلية الماء والطعام، وآخرون تقرفصوا أمامه وخلفه يقرأون كل جزء فيه من عينيه إلى ذيله، هجروا الطعام والشراب ساعات طويلة، تصببوا عرقاً غزيراً غير مبالين بالحر الشديد، حتى تصايحت الأمهات راجيات أن يتركوا الخروف وشأنه، ولكن الصغار لا يسمعون أو يبالون بأي شيء أمام الفرجة الكبيرة التي أحدثها حضور خروف إلى البيت، لم يفرقهم غير الغضب الشديد والنهر والزجر الصارم.. ظل الخروف يجرب الهرب، محاولاته الفاشلة لم تتحقق حتى تعب ثم استكان لمصيره، صباح مساء يستقبل أفواج الأطفال الذين يتحلقون حوله أوقاتاً طويلة، وكأنهم يشاهدون فيلماً في السينما.
تمضي أيامه الثلاثة قبل العيد، وهو على هذه الحالة من التجمهر والانتظار ليومه المحتوم، ينشغل الأهل والأطفال في شراء لوازم العيد، وعلى الأخص للصغار من ملابس وأحذية، بالإضافة إلى التجهيزات لبداية العام الدراسي، وبدء دخول المدارس فور نهاية إجازة العيد، تغيب تحرشات الأطفال عن الخروف الساكن في ظل الشجرة، هؤلاء الصغار تصايحوا بالبكاء عندما علموا أن ساعة نهاية الخروف قد اقتربت، رفضوا بشدة أن تتم التضحية به، لم يقتنعوا بفكرة ذبحه أو التضحية بحيوان جميل، تصايحوا، هذا لطيف وجميل في ألوانه وصوفه وغير مؤذٍ، ولكن كان الجواب، عندما تكبرون سوف تعلمون الحكاية جيداً، وسوف يصبح لكل واحد منكم خروفه الذي يفتدي /‏ يضحي به، ابتسم أهل الدار بينما تناثرت دموع الصغار ألماً وحزناً على ما سوف يحل بخروفهم الجميل، يأتي العيد حاملاً أحلاماً جديدة وأملاً متجدداً بأن تمضي الحياة نحو الفرح والجمال والسعادة، والتي دائماً يصنعها هؤلاء الصغار بفرحهم وسعادتهم بالعيد السعيد، عبر ضحكاتهم الجميلة وملابسهم الزاهية، وتجديدهم لمستقبل الناس والوطن، والذين ينشدون دائماً أغاني الحب للإمارات العزيزة، العيد مسافة فرح وفرصة للتواصل مع الأحباب، وتجديد مستمر لحب الوطن /‏ الإمارات، يبرق عبر عيون الصغار المتطلعة للمستقبل.