من حقكم أن تفرحوا وأن تتبادلوا رسائل التهنئة والتبريكات بعد عودة منتخبنا الأولمبي من «الآسياد» بميدالية برونزية، لم تكن في الحسبان، ولكنها تحققت بأقدام وإصرار اللاعبين الذين يحسب لهم أنهم تفوقوا على فوارق كثيرة كانت واضحة في المواجهات التي خاضوها، وخصوم أشد شراسة وأكثر تطوراً، وأمام منتخبات كانت مغمورة، كلهم تقدموا، فكلهم يعملون من أجل المستقبل، أما نحن فلنفرح ولنبتهج ولنحتفل، فقد حققنا برونزية ولكن!.
أسوأ ما فينا يظهر في مثل هذه الأوقات، ولعل من أسباب تراجعنا المستمر رياضياً أننا نضخم أي فرحة، ننشغل فيها ونسوقها كما لو كانت مجد الأمجاد، والمتاجرة بالإنجاز أصبحت عادة مذمومة يبحث بها المسؤول عن التغطية على كل العيوب، حتى لو كان الإنجاز المحتفى به بسيطاً للغاية، وتحقق بسيناريو لا يبدو مثالياً، فقد خدمتنا فيه عوامل الحظ والتوفيق والظروف مجتمعة، إنجاز ربما لم نجن منه شيئاً سوى الميداليات والسمعة.
خسرنا أمام منتخبات سوريا والصين واليابان، وتعادلنا مع منتخبات إندونيسيا وكوريا الشمالية وفيتنام، وإنْ تفوقنا عليهم بواسطة ركلات الترجيح، وكان فوزنا الوحيد على حساب تيمور الشرقية، تلك كانت المحصلة، وذلك كان الطريق الذي سلكناه في الحصول على المركز الثالث والميداليات البرونزية، فهل هذه المحصلة تستحق الاحتفال والتهاني، أم أنها تدعونا للتأمل وإعادة النظر، ومشاركة على الرغم من نتيجتها البراقة إلا أنها تدق ناقوس الخطر.
نحن لا نعشق جلد ذواتنا، ولا نهوى النقد، نعرف تماماً كيف نحتفل، وكيف نفرح، ولكن عندما نشاهد عملاً مدروساً أتى بنتيجة إيجابية، ليس نتاج سياسة عشوائية، وتخبط وغموض وفوضوية، فقد نفوز وقد نخسر، ولكن الأهم أن تكون المحصلة النهائية نتيجة التخطيط السليم، والعمل المنظم، وفق استراتيجية حقيقية يتم العمل بها لسنوات وسنوات، ولا يتم نسفها مهما تغيرت الإدارات، وعندما يكمل الحالي ما بدأ به السابق، عندها فقط سنحقق الأهداف وندرك النجاح، وعندها سنفرح ونحتفل من الليل حتى ساعات الصباح.
يستحق اللاعبون التهنئة على إصرارهم وعقلياتهم القتالية، وعلى حماسهم وروحهم العالية، ونشد على أياديهم، ولكن المهم أن نشذ عن القاعدة ولو لمرة واحدة، لندرس المشاركة بكل إيجابياتها وسلبياتها، لنفتش عن الأخطاء أينما وجدت، لنبني على هذا العمل، ونؤسس شيئاً للمستقبل، فقد سبق أن ضيعنا أوقاتاً طويلة في الاحتفال، والتجارة بأي إنجاز، وأي ميدالية باختلاف المعادن، وهذه برونزية حصدناها ولكن ضع بعدها «ألف لكن».