من ألطف الحكايات الشعبية القديمة، تلك التي يرددها البحارة، عن الجزيرة التي تحولت إلى حالة، تقول الحكاية: تحطمت السفينة، الجميع سبح حتى الجزيرة، وحده ظل خلف الجميع نظر إلى السماء وقال: إن وصلت إلى الجزيرة سوف أعقر/‏‏ أذبح جملاً، اقتربت الجزيرة وبانت واضحة، قال: لا سوف أذبح بقرة، اقتربت أكثر وظهرت واضحة تماماً، قال: لا سوف أذبح شاة، سبح بقوة ووطأت أطراف قدمه القاع الرملي للجزيرة، قال: لا سوف أذبح دجاجة، بفرح وقف حتى بان رأسه وقدماه مرتكزة على الأرض، قال: لا ولا حتى ريشة!! فجأة نهضت موجة عالية وسحبته بعيداً، وأيضاً فجأة التهمه قرش جائع.
ومن ذلك التاريخ إلى اليوم أطلق البحارة على تلك الجزيرة اسم حالة، وحتى الآن يقول البحارة ذهبنا إلى الحالة وعدنا من الحالة في مدح الهدوء والابتعاد عن الضجيج، تأتي الجزر كأجمل مكان، حيث البحر والصفاء والهدوء وطيور البحر الصديق الأجمل دائماً في الحياة، المدينة صانعة كل أنواع الضجيج، يهرب محب الطبيعة والجمال إلى البعيد، في أي ركن أو زاوية أو قرية، وبالتأكيد الجزر النائية هي الأجمل والأكثر راحة وتناغماً مع النفوس التي تطلب الهدوء.
في تلك الأزمنة البعيدة، حتى البحارة والصيادون كانوا يبحثون عن تجديد الحياة، البعض يهجر المكان وإن لم يكن مزدحماً إلى الفضاء البعيد والجزر البعيدة طلباً للتوحد مع الأمكنة الهادئة، ومما يحدثنا عنه البحارة ذلك البحار الذي هجر الساحل إلى جزيرة بعيدة من جزر الإمارات، وأمضى زمناً طويلاً متوحداً مع البيئة البحرية وزرقة الصغير وشباك صيده.
أنشد يوماً واصفاً حياته الجميلة، وفرحاً بهذا الهدوء وجمال البحر والطبيعة، وردد قصيدته القصيرة كثيراً، شاكراً أصدقاءه طيور البحر التي تأتي كل صباح وتحط جواره لتؤنس وحدته الجميلة وأيامه الرائعة، يلقى إليها بعض الأسماك الصغيرة، بينما يجفف الأسماك الأكبر بعد تمليحها.
يطلق نشيده بصوت عالٍ وكأنه يعتقد أن نسيم الهواء البحري العابر إلى السواحل يحمل صوته /‏‏ قصيدته البسيطة المعبرة عن حال وضعه الرائع وجزيرته يقول: في جزيرة محد حذايه، غير صيدي والطليلية، وهي جمع (طليلي) وهو طائر بحري جميل.
في الإمارات أماكن كثيرة بإمكانها بعث السعادة والفرح، ولجزر الإمارات حكايات مختلفة وطبيعة متنوعة، ومنذ القدم وهي محطات فرح وجمال وعون بما تملكه من ثروة مائية ونباتية وخيرات متعددة أعانت الناس قديماً وحديثاً، وحكايات الجزر الإماراتية العديدة تاريخ يحكي عن البحارة والبحر والرزق الذي لم ينقطع يوماً. وهذا أجمل فصل لزيارة جزرنا وأرضنا الحبيبة، فهي أجمل وطن لنا ولأحفادنا.