يقول مثل شعبي «فوق شينه قواة عينه»، وهو يستعمل للإشارة إلى إصرار البعض على موقفهم بكل غرور وصلف رغم إدراكهم أنهم على خطأ، وما ذكرني به وقوف بعض أصحاب منافذ بيع كبرى موقفاً واحداً في وجه الانتقادات المباشرة التي طالتهم بعد انتشار مقاطع مصورة لمواطنين يكشفون فيها تباين أسعار العروض المعلن عنها لهذه السلعة أو تلك المطبوعة، وبين السعر المبرمج لها في أجهزة الكشف عن الأسعار أو عند صندوق الدفع.
وبدلاً من أن تعتذر تلك المنافذ والمسؤولون عنها عن مثل هذه الممارسات التي تندرج تحت الغش والخداع والتضليل وأخذ دراهم إضافية من دون وجه حق، نجد أن بعضهم من «قواة عينه»، هدد بملاحقة من ينشرون مثل هذه المقاطع قضائياً!!.


من يستحق الملاحقة القضائية في هذه الحالة؟ الذي ضلل المستهلكين بطباعة سعر على العبوة، وبرمجة جهاز الدفع بسعر آخر، أم الذي قام بتوعيتهم من هذا التضليل الحاصل؟.


للأسف الجهة التي يفترض بها حماية المستهلك لم نسمع منها وسط هذا الجدال الدائر غير التصريحات الهلامية عن المعايير المتبعة للإعلان عن العروض في منافذ البيع، وأن لديها طرقاً للتأكد مما يجري في الأسواق، وأعتقد أنها طرق بطيئة وغير فعالة، والدليل أن مثل هذه الممارسات السلبية تطفو على السطح.
كنا نتوقع أن تتحرك إدارة حماية المستهلك لكشف المنافذ التي تتعمد مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية، وتعريتها أمام الجمهور، مثلما يفعل جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية عندما يغلق منشأة غذائية أخلت بشيء من الاشتراطات والمعايير الصحية، ولا يكتفي بذلك الإغلاق بل يكشف عن اسمها على الملأ حتى يعرف المتعاملون معها، ويأخذون حذرهم منها. وقد نجم عن هذا الأسلوب تراجع ملحوظ في المخالفات، لأن الكل أصبح حريصاً على الالتزام، فسمعة المكان واستعادة الثقة تحتاج لوقت طويل.
الردع مهم والتعامل الحازم مطلوب لإعادة الثقة إلى الأسواق، خاصة أن من يدفع الثمن هم محدودو الدخل الذين تفرق معهم الفلوس والدراهم.


الممارسة الصحيحة المتوقعة من منافذ البيع الاستهلاكية الكبرى أن تكون أكثر شفافية ووضوحاً، بعيداً عن سياسات وأسلوب «السعرين» الذي يتعامل به البعض منها، سعر لاستدراج الزبون، وآخر فعلي لسداد السلعة عند الصندوق في أسلوب غير لائق بمنافذ كبيرة وضخمة، ولكن ماذا نقول في أساليب «الشين وقواة عينه»؟!.