مراوغات، ولعب على الوقت، يمارسها الحوثي، ونشر وقائع وهمية تظهر أنه لا يريد اليمن، وإنما قرر منذ أن وقع في أحضان الغير، أن تظل الأمور تحت حد السيف، والمتاجرة بالشعارات، ظناً منه أن مثل هذه الانثيالات الواهنة يمكن أن تجعله واقفاً على التلة، ويراه الناس عن بعد.
التاريخ لا يحفظ وداً لمن يمشي في وجه الريح وكم من مهاترين، ومهرولين باتجاه الأوهام داستهم سنابك الحقيقة، وذهبوا كغثاء السيل، وناموا تحت الحفر، وأصبحوا نفاية من نفايات الحضارات البائدة. لا يمكن أن يستمر الكذب والهراء، فحبله قصير، وعمره مثل عمر الذبابة.
وفد الحكومة اليمنية ذهب إلى جنيف محملاً بالحقائق وإذا كانت استجابته جلية وواضحة، لأن النية معقودة على ضمير يمني يحب الخير إلى أهل اليمن، والهدف هو إنهاء هذه الحرب التي فرضت على الحكومة الشرعية، وكان يجب أن تكون التلبية لنداء العالم سريعة، ولكن عندما تواجه هذه الاستجابة بخزعبلات، وكتابة على الماء، فإن الرد لن يكون إلا فضح تلاعب الحوثي على الرأي العام العالمي، وعلى الشعب اليمني الذي تعب من أضغاث الأحلام، ويئس من الصور الوهمية التي يرسمها الحوثي على جدران السياسة، ويخربش في الوجدان اليمني كما يفعل مراهقون أصابهم شطط السيطرة، وسطوة الاستيلاء على المصير، واغتصاب حياة الناس بصواريخ هلامية لا هدف لها سوى عنتريات لا تسمن ولا تغني من شظف.
ومهما فعل الحوثي، وناور، وساور، فإن اليمن لن يصبر على زبد البحر، والحقيقة سوف تروغ عنها قمامة التاريخ، وسوف تطلع الشمس من خلف الدخان، بإرادة الشعب اليمني، وعزيمة أهل الحزم والجزم، وسوف يتحسر الحوثي على تعلقه بحبال إيران المهترئة، ودسائسها البغيضة، والرواسب التي علقتها على جلباب العقل الحوثي سوف تزول لا محالة لأن العدوانية ما هي إلا من بقايا شريعة الغاب التي علقت في صدور العدوانيين وكارهي الحياة.
وإيران لن تكون دولة عظمى، وإن حلمت، وتوسعت، والخرقة القديمة لن تصلح أن تكون جِلْباباً لإنسان متحضر، وإيران ما زالت تعيش عصر ما قبل القرون الحجرية، ومن يحتمي بالحجر لا بد وأن يفقد رؤية ما بعد قدميه.
هكذا هي الحياة لفظت الحجر والمتحجرين منذ أن أعلن سقراط هبته الوفية، ضد من ساموا البشرية بِسْم الأفكار المذهبية.