يعد «كود الإمارات» للبناء، وكذلك اشتراطات السلامة فيها، من أكثر المعايير تقدماً ليس على مستوى المنطقة فقط، وإنما عالمياً، ولكن القضية عندنا في التنفيذ والتطبيق والممارسة. وإذا كانت دوائر الدفاع المدني في الدولة تجد وبحسب إحصائياتها أن أكثر من 52% من الحرائق والحوادث التي تتعامل معها هي منزلية، فالأمر يتطلب تركيزاً أكثر على هذا القطاع الذي لا نتذكر المبادرات الخاصة به إلا بعد وقوع حادثة مأساوية وهي عديدة، ولعل آخرها وفاة شاب رب أسرة اختناقاً وإصابة زوجته في منطقة الفصيل بالفجيرة مطلع الشهر الجاري، ومن قبله كارثة وفاة 7 أشقاء في حريق منزلهم برول ضدنا أوائل هذا العام، ومن قبلهم ضحايا عديدون، رحمهم الله برحمته أجمعين.
نتذكر جميعاً المبادرة التي أعلنت عن تنفيذها «الدفاع المدني» بتوجيهات سامية والمتعلقة بتركيب أجهزة كشف الدخان والحريق المرتبطة بغرف العمليات التابعة للإدارة، ولا نعلم الشوط الذي قطعته في التنفيذ على مستوى الإمارات بعد أكثر من سنة على إطلاقها، لا سيما وأن إدارات الدفاع المدني تذكر الجمهور بضرورة تركيب هذه الأجهزة، وتشدد في الوقت ذاته على مسألة الوعي الوقائي لدى الأفراد والأسر، والالتزام بقواعد الأمن والسلامة.
من خلال متابعاتي ألاحظ أن الذي تحتاج للمزيد من التوعية والمتابعة، هي شركات الصيانة الصغيرة تحديداً، هذه الشركات التي تعد أقرب للمحال والأكشاك تعتمد على العمالة غير الماهرة، حيث نجد أن الفرد منها هو المهندس والسباك والكهربائي، وفني التكييف، والنجار، وكل شيء عنده «معلوم»، وتجده يقوم بتوصيلات وتمديدات كهربائية عشوائية، وتركيب قطع رديئة المستوى والتوصيل لا تتحمل ضغط الاستعمال، وعند أول اختبار حقيقي لها مع زيادة الأحمال تنهار، ليس ذلك فحسب، بل وتتسبب في حوادث كارثية، كالتي ذكرنا لا سمح الله.
تفعيل الحملات الميدانية، وتكثيف التوعية مهم جداً في هذا الجانب، وبالذات في المناطق السكنية، فالبعض يقبل على خدمات هذه النوعية من الشركات و«الفنيين» الجائلين، بسبب تدني التكلفة، ورخص الأجرة دون التفكير في تبعات وعواقب الأمور على مختلف الصعد.
الجهد الكبير الذي تقوم به إدارات الدفاع المدني يتطلب تفاعل الفئات والشرائح المستهدفة، وفي مقدمتهم، الملاك والمستأجرون على حد سواء، للتقليل من مخاطر الحرائق والحوادث الجسيمة المترتبة عليها، وهو من مستهدفات استراتيجية وزارة الداخلية.