مازالت رواية الإمارات تتلمس وعدها ومكانتها بين الرواية العربية، مازالت ضمن وفاق الزمن تصعد أفقياً، وهي متضمنة رؤى متجددة ومتقنة، ولها إيقاعاتها الفنية المتواصلة، تستمد نضجها من الحرفية الحديثة، نافية تلك القفزات الهلامية النشاز، التي لا تؤسس لأعمال وتجارب ذات قيمة، بل الصدى الأجمل يكمن في سياق الطرح المتأصل من الأعمال الروائية الإماراتية ذات التجارب المتعددة والمثمرة، والتي سادت عبر إيقاع زمني، وجالت عبر منظومة ثقافية ارتقت ومازالت ترتقي، وتترجم الفعل الروائي وتتناغم بحضورها مع مثيلاتها من الرواية العربية، ومن شأنها أن تحدث سمعة عالمية واسعة. من هذه التجارب الروائية المهمة ما قدمه قلم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من روايات توهجت بالتوثيق عبر تجربة منفردة متزامنة مع الأهمية الجغرافية، ومأهولة بالموروث الثقافي العربي، وجل إصدارات سموه تمد جسراً معرفياً في خطاب إبداعي جوهري يعد رافداً للثقافة عامة والمكتبة العربية الشاملة. أجل، الرواية بالإمارات باتت على مستوى متميز من القيمة والتجارب المضيئة، ويعتبر الروائي علي بو الريش رائدها ودافعاً إياها على الاستمرارية المفعمة بتجربته المتجددة، وهو محرك تقنيتها وتطورها، وكان له السبق في حضور الرواية الإماراتية ضمن أفضل مئة رواية عربية. في بداية الألفية كان المنعطف، حين فتحت الرواية شهيتها لكتاب وأدباء الإمارات، وهذا ما يعني النضج الروائي بعد حصيلة من التجربة الإماراتية التي سبقت هذا المنعطف، وما يعني أيضاً تعمق التجربة الأدبية وتشبعها الذي أحدث هذا التناغم بين التجارب القصصية والشعرية، وما بين التجارب الروائية، تجارب تباينت في طرحها كالتي خطت المسار الشعري، أو كالتي لامست التشكل المجتمعي وانعكاساته، أو كالكتابات التي عانقت الحكايات الشعبية والسير الذاتية، أو كالتي وقفت على المفاصل الزمنية المهمة. إذن المنجز الثقافي الروائي بالإمارات بدا يتشكل بصورة مختلفة في الآونة الأخيرة، حيث برزت روايات لها أهميتها كرواية ميسون صقر «في فمي لؤلؤة»، التي ردفت روايتها الأولى «ريحانة»، وهي تجربة تستحق التوقف أمامها وانتظار قادمها، وقدمت باسمة يونس رواية «حتى آخر الشهر»، ومن قبل برزت تجربة ناصر جبران «سيح المهب» وتجارب روائية أخرى لإبراهيم مبارك وناصر الظاهري وأسماء الزرعوني، ومازالت تمثل هذه الروايات حضوراً في سياق التجربة الروائية الإماراتية وهي باحثة عن مواطن النجاح، وأخرى بدأت تتشكل وهي لا تقل أهمية، بل لابد من الإشارة إلى جيل من الأصوات الجديدة، إشارة إلى الكاتبات خولة السويدي ونادية نجار، وحمد الحمادي، فنياً هم من الجيل الذي يلامس آفاق التميز في زمن تزدهر فيه الرواية بهذا الشيوع الروائي المتمدد أفقياً، وبحسابات نقدية مازالت تأملية. Hareb.AlDhaheri@alittihad.ae