أثبتت أبوظبي أنها عاصمة الإنسانية، فمتحف اللوفر الذي افتتح مؤخراً، يعكس تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في زرع بذور السلام والجمال، ليحارب النور الظلام، ويقطع الفن شباك الجهل والعنف والتطرف. جمال دولتنا، يكمن في ما تقوم به القيادة الرشيدة لتحقيق خطط مدروسة تسعى لاستدامة السلام ونشره بلغة يفهمها القاصي والداني، ولغة الفن فيها الإبداع وتشارك المعرفة وتبادل المفاهيم التي تُقرب المبدعين وتحفزهم على الابتكار. فعلماء العرب في الأندلس قضوا 781 سنة في تلك البلاد، فانصب اهتمامهم على خدمة البشرية وتسليط الضوء على أفكارهم، ومنها سطعت شمس على الغرب. تُعيد الإمارات التاريخ، فمنها تنطلق شرارة ثقافة المستقبل، واستدامة قيم الحاضر تضمن ذلك. وفي زيارتي الأخيرة لعاصمة الموضة «ميلانو»، كنت في وسط المدينة، وفي المقهى الذي جلست على طرفه أحتسي قهوة مرة مع قطعة من الشوكولاته المغموسة في الفلفل، مر بي شابٌ ألماني سألني: «هل من الممكن أن أحدثك؟» فقلت: «نعم، تفضل». فقال بحياء: «اليوم هو أول يوم لي في العمل، وأنا أبيع تذاكر لمتحف ليوناردو دافنشي.. هلا شرفتني بشراء تذكرة وزيارة المتحف؟» فقلت له: «وأين يكون هذا المتحف؟» فقال: «إنه على الزاوية، صدقيني، لن تندمي.. وبالمناسبة من أين أنتِ؟» فأجبته: «حسناً، أنا من دولة الإمارات العربية المتحدة؟» دفعت عن القهوة ما عليّ ولحقته، فقال: «لقد سمعت عن متحف اللوفر في بلادكم، فهو يعرض أعمالاً لليوناردو دافنشي وهذا أكبر سبب يُحتم عليك زيارة هذا المتحف.. إنه في الطابق الأول.. شكراً جزيلاً وأراك لاحقاً»، وصعدت إلى المتحف الذي قضيت فيه وقتاً لا يستهان به، إذ وجدت فيه ما قدمه العبقري متعدد المواهب، ومنابع فكره المبتكر وعمق تفكيره ومخططات مشاريعه ودراساته التي تم الاحتفاظ بها ويقدمها المعرض بتطبيقات ثلاثية الأبعاد تقرب للجمهور ما يلهمه، ويحثه على العطاء والتفاني في الابتكار. وكانت زيارتي لهذا المتحف، حواري مع الشاب الذي تلى تلك الزيارة، من أهم روافد سفرتي وفوائدها. للعارفين أقول، أبوظبي عاصمة القلب تضع بين أيدينا إرث العالم وإبداعات فنانيه ومبتكريه، وعلينا أن نجعل زيارة هذا الصرح العظيم جزءاً لا يتجزأ من المناهج الدراسية حتى إذ التقى الشاب الألماني الذي يعمل في ميلانو أحد شباب الإمارات في المستقبل وسأله عن اللوفر -أبوظبي، يرد عليه ولد البلاد قائلاً: «قيادتنا قيادة تقود سفينة السلم والأمن والفن والإبداع.. نعم زرت متحفنا وأنا فخور بأن شمس الإمارات تسطع على عالم نسي الفن أو تناساه.. رسالة الفن لنا كـ (عيال زايد) تترتب عليها مسؤولية نحملها للمستقبل القريب وللمريخ ذات يوم. عيشي بلادي.. عاشت عاصمة الإنسانية».