هل تعتبر الرواية الآن في الإمارات والخليج حكاية المؤلف، أم حكاية المدينة والناس والمجتمع؟ ماذا يريد المؤلفون من الرواية أو السرد الطويل؟ هل هناك صنعة أو تصنّع؟ هل هناك موقف ورؤية من الحراك الاجتماعي والثقافي والسياسي أم يكتبون لكي يتواجدوا فقط؟
أغلب الروايات تشبه بعضها، وبعضها يشبه «الخروفة» التي ترويها الجدات، فلا تتضمن متابعة للتغيرات والتبدلات في المجتمع، وتعتمد أساليب لا تقبض من بعضها غير الريح!
هل يمكن الجزم بأن المؤلف يمتلك خيالاً يرصد ويسجل، ويعبر عن رؤية، أم أن جلّ ما يمتلكه هو تبجيل عظيم لذاته، وسعي دؤوب إلى الشهرة؟
هذه الأسئلة، تنطبق بشكل أخص على الروائيات في الخليج. كثير من مؤلفات الرواية عندنا يغرقن في الحكايات النسوية اليومية، ما يتعلق منها بالأسرة والحب والعشق والحرمان العاطفي، وبعض قصصهن تحولت إلى مسلسلات تلفزيونية لا تمثّل حقيقة الأسرة الخليجية. إنها نوع من دراما اللامعقول، تدور مجتمعات مفككة وملتبسة، مليئة بالإثم والعنف والصراخ والخروج الواضح عن المشهد الاجتماعي.
كتابة تجارية تشبه المواد الرخيصة التي تباع في الأسواق والمصنوعة من البلاستيك، وأقصد هنا الروايات التي تحولت إلى أعمال تلفزيونية رديئة تضج بالعنف الأسري والمخدرات والصراخ والألفاظ الخادشة.. وكلها جاءت من خارج المجتمع وتقاليده. إذا نظرنا إلى الرواية في منطقة الخليج العربي، أو الكتابات الأدبية التي ظهرت عند بداية إطلالة الفن الروائي، أو عند بعض محترفي الكتابة الروائية، فإننا نجد فناً متصاعداً وملتزماً بالقضايا الاجتماعية والحراك الاجتماعي، والتحول الرافض للأوضاع القديمة في هذه المنطقة، وهناك كثر ممن نسجوا على هذا المنوال مثل عبدالرحمن منيف وغيره.
وقد استمرت الجدية والجدة في الجيل الذي تلا جيل الأوائل الذين قدموا الكثير من الأعمال الجميلة الرائعة والهادفة والمهمة، والتي أسست فيما بعد لفن الرواية في الخليج العربي رغم صعوبة النشر والتوزيع وقتها.
أما الآن، فإن كم الروايات الصادرة كبير جداً، والموجة النسائية العالية تهب على الرواية والسرديات بشكل غزير يدعو إلى التمحيص.
الرواية الجيّدة لا تكون بالضرورة كبيرة الحجم أو كثيفة العدد، إذ كم من عمل قوي جاء في صفحات قليلة، ولكن قوة الفكرة والرؤية والهدف كان أكبر وأجمل، ولنأخذ مثالاً، رواية «اللص والكلاب» للروائي نجيب محفوظ، كم هي قوية وقالت أكثر من روايات أهدرت كماً كبيراً من الورق.