لا يمكن أن تكون الكتابة عن أصحاب الهمم أبداً من باب المجاملة أو العطف على فئة في المجتمع حرمها القدر شيئاً، فعوضته أشياء أكثر وأكثر.. هم في كل أحوالهم نموذج لنا نحن.. هم من يجب أن ينظروا إلينا بعطف، لأن ما يفعلونه لا نستطيع نحن أن نفعله.
إياك أن تظن أن الفعاليات الرياضية لأصحاب الهمم والتي تتابعها - إن تابعتها- في سهولة ظنك وعبث تصوراتك.. أنت الذي لم تخضع لاختبارات القدر مثلهم، لن تستطيع أن تأتي بما يأتون به.. هي ليست مسابقات نظمها من نظمها للتسلية أو الترفيه، لكنها قد تكون آخر حدود طاقتك أنت أو فوق ما تستطيع.
في الدورة الآسيوية البارالمبية بجاكرتا، يسطر أبطالنا من أصحاب الهمم كل يوم، قصة تحد وإنجاز جديدة، نرفع بها رؤوسنا هنا فخراً وفرحاً، فحتى اليوم الرابع أمس، وصل ما حققه نجوم الإمارات إلى 9 ميداليات، منها ذهبية، و5 ميداليات فضية، و3 برونزيات ولا زال في قوس أمنياتهم المزيد الذي بإمكانهم تحقيقه، وسط منافسة شرسة تدور رحاها في جاكرتا بمشاركة أكثر من 3 آلاف لاعب ولاعبة من 43 دولة.
وضع أبطال الإمارات دولتهم في صدارة دول غرب آسيا، بإرادة لا تلين وعزيمة نتمناها عنواناً لكل الرياضيين، وأسعدونا بعلمنا الخفاق في سماء التظاهرة الرياضية الكبرى، ونشيدنا الوطني يتردد على إيقاع إنجازات العزة لأبطال النصر.
كل من ذهب إلى هناك أبطال أكثر منا.. من محمد القايد إلى راشد الظاهري.. إلى بقية أبطال البعثة الإماراتية، والسبب ليس أنهم تمكنوا من إحراز ميداليات، لكن السبب الأهم أنهم دليل على الإرادة الإماراتية القادرة في كل أحوالها أن تشكل إضافة وأن تصنع إنجازاً.. هم بما يفعلون في جاكرتا يؤكدون أن الإرادة هي الأساس، وأن من لا يحققون، لا يستطيعون وربما لا يريدون.
تبدو الكتابة عن أصحاب الهمم أحياناً - لدى البعض- وكأنها زاوية ثقيلة، نكتبها ذراً للرماد ولنثبت أننا مع هؤلاء كما مع أولئك الذين لا يعرفون سوى الصخب، لكنني أقر وأعترف هنا بكامل إرادتي ومحبتي أن ولائي لأصحاب الهمم أشد وأعمق وأكبر.. أقر أنهم قدوة لي وأن ما يفعلونه عظيم وكبير.. أقر أنهم فرحة.. هم من حولوا المحنة إلى منحة.. من زرعوا الزهر في قلب الصخر.. من هزموا الدمعات بابتسامات.. من يثبتون كل يوم أنهم أهل لكل تحدٍ، وأنه ليت الجميع مثلهم.
لا زال في جعبة أبطالنا المزيد - بإذن الله- في آسياد جاكرتا، ولا أدري إن كان أحد منهم سيقرأ ما نكتب أم لا، لكن ليتهم يعلمون هناك أن وطناً يتابعهم هنا بفخر واعتزاز.. ليتهم يعلمون أنهم يضيئون من هناك درب الأمل لكثيرين.. أنا منهم.
كلمة أخيرة:
فقط أصحاب الهمم «أهل للقمم».. ومَنْ انتصر على إرادته وعلى خوفه «بطل الأبطال»