قبل أيام جرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي تداول مقطع مصور لسباق سيارات بين شابين في «حلبة للسباقات» في إحدى إمارات الدولة انتهى بوفاة أحدهما متأثراً بإصاباته إثر ارتطام سيارته بإحدى الكتل الخرسانية على جوانب الحلبة، ليفتح الجدل مجدداً حول الجرح النازف المتمثل في هذه الحوادث التي يذهب ضحيتها شباب في عمر الزهور يرحلون سريعاً ويخلفون آلاماً وحسرة دائمة في قلوب ذويهم، ويخسر الوطن طاقات كان يعول عليها في مواصلة مسيرة البناء والإنجاز والعطاء.
كما تجدد الحديث والتساؤلات حول استمرار عمل الورش التي تقوم بتوفير الإضافات والزوائد للسيارات بصورة تمثل خطورة على سائقيها والمجتمع إجمالًا، وأصحابها الذين لا يقيمون وزناً للأنظمة والقوانين فقط لأجل كسب الأموال ومسايرة رغبات أغرار طائشين لا يدركون عواقب هوايتهم الغريبة والمدمرة، وما يتلبسهم من جنون القيادة بطيش واستهتار، بطريقة هي إلقاء المرء بنفسه إلى التهلكة.
اعتقد أن إدارات المرور مدعوة لتغيير تحركها في اتجاه التعامل مع مثل هذه التجاوزات وما تمثله السيارات ذوات الإضافات غير القانونية، وكذلك الورش التي تقوم بتلك الممارسات، وذلك بتشديد العقوبات والغرامات الخاصة بها، فهؤلاء شركاء في المسؤولية عن موت شباب أبرياء بعدما زينوا لهم مزايا تلك الإضافات التي تجعل من سياراتهم أقرب للطائرة في سرعتها. عقوبات يفترض أن تصل حد إغلاق تلك الورش وسحب تراخيصها. وكذلك التصرف بحزم مع الأغرار المتهورين بسحب رخصهم وحرمانهم منها وقد تصل للحرمان النهائي من القيادة في حال تكرار المخالفة. وإخضاعهم لدورات توعوية وتأهيل نفسي، فالذي يصر على مثل هذا الجنون ليس بشخص سوي، ويحتاج لجلسات علاج لحمايته من شر نفسه وكذلك مستخدمي الطريق.
وإذا كان هناك من يشجع على إقامة حلبات سباق للسيارات بين الشباب ويرى أنها وسيلة من وسائل امتصاص طاقات الشباب، وهي موجودة في بعض الولايات الأميركية، فعليه على الأقل أن يقيمها وفق المواصفات والمعايير والاشتراطات العالمية للأمن والسلامة، بحيث تخفف من وقع وقوة الحادث عند وقوعه. وقد تحدث البعض عن افتقار الحلبة التي شهدت الحادثة التي أشرت إليها للمواصفات المطلوبة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل نحن فعلا بحاجة لمثل هذه الحلبات في وقت تبذل فيه الدولة كل الجهود وتطلق المبادرات تلو الأخرى للمحافظة على الشباب رهان وعماد مستقبل الوطن.