الجهل غبار يغطي مرآة العقل، فيعميك عن رؤية الحقيقة. الحقيقة في داخلك لكنك لا تراها، لأن كمية هائلة من الغبار، تتراكم على عقلك. هناك أشخاص، وهناك دول يقعون تحت سطوة الجهل، فتراهم يقومون بأفعال منافية للحقيقة، ولكنهم
لا يتورعون عن فعلها، لأن عقلهم الجاهل، مرآتهم المغبرة، وآلتهم العقلية الصدئة لا تريهم الحقيقة كما هي، بل تريهم الصورة الزائفة للحقيقة، فيتمادون في فعل الشر، ويذهبون بعيداً في إيذاء الآخر، وهم في غابة الجهل لا يميزون ما بين
الأشجار اليابسة والأخرى الخضراء، فيسومون الحياة بسوء احتطاب، ويضعون مساحيق التجميل على كل ما يفعلونه، ويجدون من السذَّج من يصدق ما يفعلون، فعندما نرى صورة الخميني، تحرس ظهر حسن نصرالله، وهو المتخفي خلف
الأسوار، ولا يطل على العالم إلا من خلال شاشات متلفزة، نشعر أن الكذبة أصبحت فقاعة كبيرة، وقد تمددت بحيث ملأت المحيط زبداً، وصارت بعض العقول مثل البالونات، مملوءة بالهواء الفاسد. فماذا يجعل نصرالله الذي تبعده الجغرافيا، ويفصله الدم عن إيران، وعرقها التاريخي الذي عبد النار قبل أن يعبد الأشخاص، وبكل صلافة نجد مفردات نصرالله محمولة برغوة الفم الملآن، بشحنات عدوانية ضد كل ما هو عروبي، وكل ما يمت للبنان وفينيقيته العريقة، وحتى صوت فيروز وغنائية صباح المتفائلة، كل ذلك يختزله نصرالله بتشنجات صوتية عارمة، معتمة تخاصم حتى الهواء في لبنان، لماذا؟ لأن من يريد أن يحني الرأس، ويمنح كل ولاءه (لنساك) قم، لابد وأن يعلن عداءه السافر في وجه كل ما هو عربي، وأن يحرق الأرض التي تريد إيران حرقها، بصرف النظر عن كونها عربية أو غير ذلك، المهم في الأمر أنه عندما تصدر الأوامر من هناك، من (الصدر الأعظم)، فلابد وأن تنفذ بدون مناقشة، لأن العقل الأعمى أمر بذلك، ولأن الغبار أصبح كثيفاً جداً، فلا يسمح برؤية حقيقة، غير حقيقة الأوامر المتأتية من الضفة الشرقية لخليجنا العربي. وحال النظام القطري ليس أقل سوءاً، فالغبار حول هذا النظام جعله لا يرى تحت أخمص قدميه، الغبار أشاح به بعيداً عن مرأى البصر، وجعله يسبح ضد التيار، ومنعكساً تحت شمس الخليج، وكأنه ذبابة حائرة داخل فنجان فارغ. فالمرآة عندما تكون غبراء، شعثاء، لا تريك إلا الوهم والذي يقودك إلى متاهات الغي والطغيان.