حين أكملت «الاتحاد» عامها التاسع والأربعين أمس، أكملت أنا أكثر من 16 عاماً في بلاطها، منذ وطأت قدماي دروبها في العام 2002، لأنضم إلى كتيبة العاملين فيها، ولتصبح بيتاً مع بيتي، وأهلاً مع أهلي وحلماً من أحلامي، أو ربما هو أكبرها.
«الاتحاد» ليست فقط هذا المبنى، ولا تلك الصفحات والعناوين والمانشيتات.. «الاتحاد» أصلاً في «المتحدين» الذين آمنوا بها وأطلقوها ورعوها.. تكمن روعتها في الرسالة التي يمكنك أن تراها وأن تتلمسها.. تكمن روعتها في هذه «اللُحمة» التي تؤمن أن الدفاع عن «الاتحاد» يحتاج إلى «متحدين».
بهذه الرؤية العبقرية، التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حين أطلق «الاتحاد» الدولة والجريدة، نمضي في طريق من نور، نؤمن أن عظمة الرسالة ومن أطلقها تحتاج إلى مثابرة وإلى إصرار على أن نظل كذلك دائماً، وبرغم تعاقب الأسماء والوجوه، يبدو الأمر وكأن شيئاً لا يتغير.. النهج ذاته من «التابلويد» إلى «الاستاندر»، من الجمع بالصف إلى ثورة التكنولوجيا.. من زمن المعاناة إلى عصر الأقمار الصناعية ثم العولمة.. في كل ذلك، بقيت الاتحاد كما هي، صامدة عتية، تصر أن تبقى رسالتها منزهة عن الهوى وعن العبث.. هي حصن إماراتي يذود عن مقدرات هذا الشعب، ويقف في الخطوط الأولى، مدافعاً عن ثوابت أمة ترى قوَّتها في وحدتها وتماسكها.
يبقى تاريخ الاتحاد، لدى من يحتفلون معنا بعامها التاسع والأربعين، مجرد ذكريات، لكنه لدى من ينتسبون إليها، عمر وحياة، وسنوات قطعوها في رحلة رائعة، قضوها وهم يدافعون عن رسالة ويترجمون رؤية القائد المؤسس إلى واقع، يلتزمون بالحرية المسؤولة، ويدركون أنهم «بناة»، والأهم أنهم يبنون العقول، ويقفون في منصة الدفاع عن الوطن، وهنا تكمن الروعة.
شهادتي في «الاتحاد» أبداً «ليست مجروحة»، فما نقدمه بين يديك كل صباح، سواء في الرياضة أو غيرها، هو عطاء نفاخر به، وليس بالإمكان اختزاله في تلك اللحظات التي تمر عيناك فيها على العناوين، أو حتى الساعات التي تقضيها في قراءة تحليل أو تفاصيل عدد من الأخبار.. هناك قبل كل ذلك، أسرة تعاهدت على أن تقدم لك أفضل ما لديها وأفضل ما في الدنيا.. هنا في «الاتحاد» يبدو الأمر - حقيقة- كخلية النحل تلك التي نستدعي صورتها حين نريد أن نصف جلبة الأمر وعظمة المهمة.. هنا من الصباح إلى المساء، وعلى مدار 49 عاماً، كان الوطن هو المهمة، وكنت أنت الوطن.

كلمة أخيرة:
كل عام و«الاتحاد» بيتنا الكبير.. وقلبنا الذي يسع الوطن