بعد أن كان فكرة وتجربة، مثل كل الأفكار التي تبدأ صغيرة ثم تكبر عندما يلتزم صاحب الفكرة بالرؤيا البعيدة ووضوح الهدف والغاية من بدء المشوار نحو ذلك الضوء البعيد. ومنذ البدء أيضاً رأينا أنها فكرة رائدة وعظيمة، لأنها تخدم البيئة والمجتمع والأرض، من هذه الصحراء أو هذه الواحة الجميلة والباسقة العطايا في قديم هذه الأرض وجد بها الماضي وحتى اليوم ليوا أنها واحة الربع الخالي عندما بخلت الصحاري واشتد قيضها، كانت تأتي ليوا لتروي العطشان وتطعم الجوعان وتسقي النخيل التي تحدت رمال الصحراء وصعدت شامخة في سماء هذه الواحة الجميلة. منها تعلم الناس أن الماء والنخيل والحب والعطاء هي السراج الذي يضيء الدروب، وبعد أن اشتد عود الناس وشبعت وسمنت وزادت قوة ركابهم وجمالهم استطاعوا أن يعبروا بها إلى البعيد البعيد في الأزمنة الماضية حتى وصلت خطواتهم رمال السواحل وغرسوا نخيلهم وبنوا مدنهم على طول تلك السواحل وساهموا مع الناس هناك في البناء والعمل والفكرة العظيمة التي سرت في أن المدينة تعود إلى القرية والواحة تكبر لتغير مدينة. كان الطريق طويلاً لغرس شجرة هنا وغابة نخيل هناك وبعد أعوام من هذا العمل والجهد والعطاء لعالم الزراعة والعناية بهذه الشجرة المباركة، التي وصل عددها إلى الملايين من أشجار النخيل وعلى مختلف الأنواع وفي كل جزء من أرض الإمارات، عندها أصبح مفهوم تجويد النوع والعناية بتطوير خاصية الثمار وزيادتها واستغلالها اقتصادياً أمراً مهماً جداً، ولذلك كانت فكرة مهرجان الرطب هي البوابة الرائدة في حث المزارعين على التسابق في العمل والعناية بالنخلة وثمارها والتبحر في علوم الزراعة والاهتمام بهذه الشجرة على وجه الخصوص والاستفادة من هذا المهرجان في تبادل الخبرات والتجارب ونقل أجود الأنواع من منطقة إلى أخرى وإكثار هذه الثمار النوعية والتي أصبحت بعد هذا الاهتمام والعناية متوفرة في سوق الإمارات كمنتوج تنافسي في الجودة، بل إن مصانع الإمارات للتمور تتنافس اليوم فيما بينها لتقدم الأجود والأحسن للمستهلك المحلي والخارجي. إنها بركة وثمرة مثل هذه الفكرة الرائدة والعظيمة، مهرجان الرطب في ليوا، اليوم قبلة ومحطة مهمة لنا جميعاً ليس في فكرة هذا التجمع والتباري في أجود الأنواع من الرطب والتمور، وإنما تسويق فكرة العناية والاهتمام بشجرة النخيل المباركة والهامة للناس في هذه المنطقة، ثم إن لهذا المهرجان أيضاً فوائد كثيرة وأهمها تقديم منطقة ليوا ذات التاريخ البعيد والعام في صحراء الجزيرة العربية بأنها ما زالت ركيزة مهمة في زراعة النخل ومدينة يذهب صيتها مع هذا المهرجان وتنويعات برامجه ومسابقاته إلى أبعد من حدود الإمارات بحيث أصبح المهرجان يصعد عاماً بعد عام ويؤكد استمراره بأنه من أفضل المهرجانات الخاصة بأشجار وثمار النخيل، وأحسب أنه الوحيد في الوطن العربي. مهرجان ليوا للرطب هو الطريق الصحيح والفكرة الصحيحة في الكيفية التي يجب اتباعها لدعم المزارعين وحثهم على الاهتمام بالزراعة وزراعة النخيل خصوصاً وتحسين طرق استثمار هذه العطايا التي وهبها الله للجزيرة العربية والإمارات على وجه الخصوص التي صعدت بهذه الزراعة إلى مستويات عالية من الإنتاج، إن مثل هذا المهرجان يجب أن يُدعم من كل الدوائر والمؤسسات والأفراد القادرين على مده بالعون ودفعه إلى الأمام عاماً بعد عام، لأنه الوحيد الذي يفيد الأرض ومن عليها ويمدهم بالحياة. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com