الإمارات أرض متعددة البيئات بعضها في غاية الجمال والروعة، ولكن لا يعرفها الكثير من الناس، وعلى الخصوص المناطق الداخلية والمحصورة بين الجبال والوديان، بعيدة جداً عن المدن والطرق إليها صعبة ولا يمكن بلوغها بغير وسائل مواصلات كبيرة وذات دفع رباعي. وهذه المناطق ظلت معزولة فترة طويلة عن المناطق الساحلية، وهي من البيئات الخاصة والمعتمدة على ذاتها حتى قيام دولة الاتحاد ومد الطرق إليها، وبعضها ظل على حاله القديم. هي مناطق رائعة الجمال بها المياه والأشجار والمراعي الطبيعية، ولعلّ من يتذكر مثلاً منطقة شوكة القديمة وجمال النخيل بين الجبال وبرك الماء الغزيرة والتي يمكن السباحة فيها، يتعجب من روعة هذه المنطقة التي كانت في القديم قبل الطرق السريعة نائية عن مدن الساحل. أتذكر رحلة قديمة لهذه المنطقة التي تذهل المشاهد بروعة وجمال الجبال وارتفاع النخيل الصاعدة وكأنها تساوق علو الجبال، حيث المياه العذبة المنسابة بين الصخور. فهل من يصدق أن في الإمارات هذه المناظر الطبيعية؟ ولقد كانت منطقة حتا وما يتبعها من واحات داخلية ذات الماء المنحدر من الجبال وتجمعات البحيرات الداخلية وسط الأشجار والنخيل، ترسم منظرا أخاذا. ثم تأتي منطقة مصفوت ومزيرع لتكمل الصورة الجميلة للمناطق الجبلية، والتي تنتهي بمساحات في بطن الجبال ازدهرت فيها الزراعة في قديم الأزمنة، وكانت عوناً وفائدة ومصدر دخل ومعيشة لأهلنا هناك، فزراعاتها متنوعة بالإضافة إلى أشجار النخيل والحمضيات وأشجار التبغ التي قدمت لمصدر دخلا هاما في الأزمنة القديمة، بل إن تلك المناطق الداخلية حتا وما جاورها كانت ذات استغلال ذاتي حتى قيام دولة الاتحاد والتحاق الناس بالأعمال المدنية والعسكرية التي وفرتها دولة الاتحاد لشباب تلك المناطق والتي أثرت فيما بعد على الزراعة والإنتاج الزراعي والرعي أيضاً. وتمتد جمالية جبال الإمارات ومناطقها الرائعة الداخلية، لتأتي منطقة المنيعي لتمثل واحدة من المناطق العجيبة بين الجبال، وكيف كافح الناس هناك من أجل العيش وسط منطقة جبلية صعبة المراس. وقد أخذت مسميات تلك المناطق دلالات من خصوصيتها، فمنها ما سمي بالوديان، مثل وادي الحلو ووادي القور ثم وادي كوب ووادي العبادلة، وكلها تحمل معنى أن يعيش الناس بين الوديان التي تتدفق فيها المياه المنحدرة من الجبال العالية، وتأكيدا لما يخلفه الوادي في مسيرته وأثره على البيئة من خضرة وأشجار وبيئات تجمع الماء بالخضرة والجبال العالية. إنها حياة خاصة للذين يعشقون العيش في مثل تلك البيئة الجميلة. وهي مناطق كثيرة يعيش فيها الناس بحب وسلام وسط الخضرة والجبال والوديان المتدفقة، ونستطيع أن نعدد تلك المناطق ولكنها تحتاج إلى الكثير من الكتابة والوصف والمساحة، حتى يمكن أن نقدم صورة صغيرة عن روعة مناطق الإمارات الداخلية. نحن نعرف المناطق التي يمكن الوصول إليها سريعاً، وهي مناطق جبلية وجميلة بناسها وأرضها ومزارعها مثل مسافي والطويين والبثنة، ولكن أيضاً توجد مناطق أكثر روعة وجمالا في داخل الجبال البعيدة والتي تحتاج لعزم أكبر للرحيل إليها، منها مثلاً شيص والنحوه والوريعة ووديان وواحات صغيرة في أعالي ووسط الجبال البعيدة. إن الإمارات درة ووردة رائعة على ساحل الخليج العربي ما زالت بعض مناطقها لم تقدم للناس جميعاً. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com