يقول المهاتما غاندي: «لا أعرف خطيئة أعظم من اضطهاد إنسان بريء باسم الله». هذا الرجل العظيم، يتحدث عن فلسفة حياة، وعن الإنسان عندما يتشوه، الإنسان عندما ينزلق في حفرة الأنا، ويذهب بالقيم السامية إلى مناطق مليئة بالنفايات، ويعمل على اختزال الدين في بوتقة أضيق من ثقب إبرة. فيا ترى كم غاندي نحتاج في هذا العالم المكفهر، كي نزيل عن وجهه غبار قرون، وسعار جنون، كم غاندي نحتاج كي نحرر العقل من شجون الانحراف المريع، وكم سقراط نحتاج كي ننقي السريرة من طفيليات التاريخ، وأزمنة ما قبل الوعي.
لا بد من وحدة ضمير عالمي تنهض على أنقاض ما يحدث في العالم من عبثية وعدمية، دمرت منجزات حضارية إنسانية، كان من الأجدر أن تنمي قدراتها نحو الأجمل لما في العقل البشري من ملكات فذة ونبيلة، ولكن لأن أمواج الوثنية الجديدة، كانت أكثر طغياناً وأكثر بروزاً في المشهد العالمي، وكان المؤدلجون يناورون في تكريس أوهامهم، كما تفعل الأفعى حين تصبو إلى اصطياد فريستها، اليوم، وأعتقد أن الغطاء قد رفع عن موقد النار، وأن الهزائم التي لحقت بـ«داعش» كفيلة بأن تفتح نافذة لوعي الكثيرين، كي يطلوا على الواقع بواقعية، ويتأملوا المشهد تماماً من دون تورية ولا غمامة ولا غشاوة ولا حشوية، فسوف يَرَوْن أن جبال الكذب التي رفعتها هذه الجماعة المخادعة، ما هي إلا محاولة للهروب إلى الخلف، وجلب ركام التاريخ، وإلقائه في الطريق كي لا تمضي قافلة الحياة باتجاه الأفق، ولكي يظل الفناء العالمي مظلماً وقاتماً، لا تسكنه غير الصور الوهمية، وخيالات المرضى والعصابيين. وليظل العالم يجتر أفكاراً عدوانية فجة وبغيضة، الهدف منها تقسيم البشر إلى ألوان وطوائف وأعراق، وتحويل الأوطان إلى مخابئ للحشرات الضارة والأوبئة، وتكوين حالة من الاكتئاب العام يضرب أتون الضمائر، وينسج حولها خيوطاً عنكبوتية شائكة، بحيث تتفرق الشعوب إلى طرائق قدد، وتعيش الأمم في ذعر من مجهول، قد يختبئ في عبوة ناسفة، أو في نصل سكين، أو قذيفة عشوائية.
الأنا الضائعة في متاهات الفكر الضلالي، لا تعرف قيماً ولا تفهم شيماً، إنها مثل ذبابة تائهة، محملة بكل أمراض الدنيا، والأنا الضائعة مثل إنسان بدائي، فقد دليل الوصول إلى كوخه في وسط الغابة.