كل الفنون في الإمارات نالت شيئاً من العناية والالتفات إليها وإن كانت تلك الاهتمامات جاءت متأخرة بعض الشيء، إلا أنها حققت الكثير من النتائج، خاصة بالتعريف بها وسط الأجيال الجديدة، بل إن بعضها تطورت، وأضيف إليها الكثير من الآلات الحديثة التي عززت وجودها وانتشارها، وحببتها للناس والشباب منهم، أعني فن الحربية أو اليولة، حيث كان في ماضي الأيام يبدو ضعيفاً في الانتشار خارج البيئة البدوية، ولا يوجد مثل اليوم في كل نشاط فرح، لدرجة أنه يغزو كل الأعراس سواء كانت لأهل البادية أو الحضر، بل صالات الفنادق، كان هذا الفن في الماضي يؤديه البدو والشعبيون في بعض محاضر المدن، ولا يؤدى بآلة موسيقية أو قرع الطبول. الآن لا يستطيع الشباب تأدية هذا الفن غير مصحوب بالآلات الموسيقية والإيقاعات القوية. لقد حققت اليولة والحربية كل هذا النجاح بفضل الدعم المادي وتطوير هذا الفن وخروجه من رتابته الأولى، حتى صوت اليولة/الأداء، بالإضافة إلى الأداة أي البندقية المصاحبة لهذا الفن تطورت من بندقية قديمة ذات ماسورة طويلة وثقيلة إلى سلاح يشبه الكلاشينكوف وحركات جديدة لم تكن معروفة عند أهلنا القدامى أصحاب الحربية أو اليولة القديمة، هذا الذي يحدث شيء جميل وطبيعي بحكم تطور الحياة. ولكن جميع الفنون الأخرى أيضاً تحتاج إلى العناية والاهتمام، وإن كانت قوية في تاريخها وأساسها وقدمها وأهميتها مثل العيالة، هذا الفن الراقي والغني بالعمل الفني في كل شيء من الأداء والكلمة والصوت إلى الأدوات المصاحبة لفن العيالة، وهو الفن الأصيل الممتد من فنون الجزيرة العربية القديمة أي فن العرضة، وهي فنون حربية ومهمة في بعث روح الحماسة والقوة والتمسك بالأرض والدفاع عنها، مثل هذا الفن الرفيع بالتأكيد يستطيع أن يصمد على الرغم من معاناته من نزيف حادث في عناصره القدامى وهجرة الشباب له، لولا عناية جمعيات الفنون التي تعاني هي بدورها من عجز الميزانيات وعدم دعمها بالمادة التي يمكن أن تجعلها تستمر في رعاية الفنون المختلفة.. هناك فنون مختلفة قادرة على الاستمرار في ظل الرعاية والتجديد، خاصة فن ليوا، وهو المعروف بأنه استمر زمناً طويلاً، لأنه من الفنون التي يحبها الشباب، خاصة في المدن، لأنه فن الحركة والأداء السريع، بالإضافة إلى قوة الأدوات فيه، والقادرة أن تجلب جمهورها، وإنعاش حماستهم للمشاركة، خاصة أنه فن يجمع بين قصر الكلمات وسهولة الأداء، بالإضافة إلى أنه فن الساحات المفتوحة والاحتفاليات الجماهيرية. كل الفنون الشعبية كانت حرة وطليقة، يؤديها الناس الشعبيون في بيئتهم القديمة، حسب ظروفهم وحياتهم اليومية المتجددة بين العمل واستراحات الأوقات التي يجب أن تظهر فنونه وموسيقاه. في ظل هذا الاهتمام اليوم بالفنون الشعبية يظهر فن الطنبورة وكأنه فن يتيم أو فن يلفظ أنفاسه الأخيرة، على الرغم من أنه فن خاص وجميل، حزين في الأداء والحركة، ويحتاج لأذن مرهفة، قادرة أن تتناقل مع صوت الطنبورة الجميل المتدرج في النهوض بالموسيقى من بدايات حزينة إلى نغم «فرايحي» وراقص في بعض أجزائه، ونظراً لصعوبة العزف على أوتار تلك الآلة فإنها دائماً تحتاج إلى عشاق لفنها للتعلم على طريقة عزفها، حتى الأداء أيضاً يحتاج إلى خبرة الكبار من محبي هذا الفن الذي لا يوجد كثيراً في المناسبات العامة، في رمضان شاهدت فقرة جميلة من هذا الفن، قدمها تلفزيون الشارقة، ورعتها الدائرة الثقافية بالشارقة وجمعية إحياء التراث هناك، وهي لفتة يستحقون عليها الشكر والتقدير للمحافظة على الفنون الشعبية. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com