باب جديد يضاف لأبواب التاريخ المشرعة على ماضينا المجيد بافتتاح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة منطقة الحصن وسط العاصمة أبوظبي، لتنبض بالحياة وتروي للأجيال فصولاً من تاريخ مشرف برجاله ورموزه التاريخيين الذين مهدوا لقيام دولة متقدمة تزهو بين دول العالم بمكانتها ومنجزاتها ومكتسباتها.
في غمرة أسبوع من الفعالية الاحتفالية بتدشين المنطقة بعد أعمال الترميم والتجديد التي نفذتها دائرة الثقافة والسياحة تنتصب شواهد مسيرة حافلة تجسد تضحيات الآباء والأجداد التي توقف أمامها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد محيياً قائلاً: «من خلال تعاضدهم وتكاتفهم ووقوفهم صفاً واحداً وبفضل تضحياتهم العظيمة ننعم اليوم بدولة عصرية لها مكانتها المرموقة بين الأمم».
احتفاء أبناء الإمارات بافتتاح الصرح التاريخي يعد احتفاء بحلقات مضيئة من تاريخ أبوظبي المدينة والإمارة، فقد كان أول مبنى يرفع صروحه ويقيم قواعده شيوخنا من آل نهيان الكرام بعد أن اتخذوا المدينة عاصمة لهم قادمين من حاضرتهم الأولى في ليوا قبل أكثر من مئتي عام. واحتفاء بحلقات متصلة من البناء والنمو والازدهار والرقي الحضاري الذي شهدته عبر مراحلها التاريخية النيرة الزاخرة بالتنوع والثراء. وكما قال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، فالمعلم التاريخي «يجسد التواصل مع تاريخنا الثري ليظل شاهداً حياً على الأمجاد، كما أنه جسر عبورنا إلى مستقبل تتمازج فيه الثقافات العالمية مع الإرث العريق الذي تنبض جوانبه بعبق الأسلاف وحكمتهم».
ولعل من معالم الحكمة المتجلية بين أحضان «الحصن» التاريخي مبنى أول مجلس استشاري للإمارة، حيث حرص الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على إعمال نهج الشورى وبلورة الممارسة التي تعد امتداداً لسياسة المجالس المفتوحة التي كانت سمة من سمات الحياة وتطورها، تؤكد قرب الحاكم من مواطنيه في مختلف المناسبات متلمساً أحوالهم حريصاً على تلبية احتياجاتهم. وقدم الرحالة البريطاني ويلفرد ثسيجر المعروف باسم «مبارك بن لندن» في كتابه «الرمال العربية» وصفاً لتلك الممارسة من قصر الحصن قبل أكثر من سبعين عاماً خلت.
قصر الحصن ليس مجرد أول مبنى في المدينة بل هو حصن، حصّن أجيال الإمارات للحفاظ على هويتهم الإماراتية بتمسكهم بتاريخهم الغني ليبقى شاخصاً وشاهداً.