كنت أعتقد أن عبارة « السيستم معلق» أو «واقع» ستختفي من قاموسنا كما ودعنا كلمة المستحيل، خاصة مع التأكيدات القوية للمسؤولين عن قطاع الاتصالات الذين أخذوا على عاتقهم تنفيذ انتقالنا بسلاسة نحو عصر الأداء الذكي والتطبيقات الذكية. ولكننا نفاجأ بين فترة وأخرى بظهور المعاناة التي تترتب على وقوع «السيستم» الذي تحول مشجباً نعلق عليه أخطاءنا وضعف استعداداتنا للتعامل مع ما بعد «الوقوع».
قبل أن أورد الواقعة التي تابعتها، نحيي الجهود الكبيرة التي يقوم بها العاملون في مركز إسعاد المتعاملين بالمقر الرئيس لبلدية مدينة أبوظبي لتخفيف معاناة المراجعين عندما يخذلهم «سيستم الدخول الذكي» الذي بات بوابة الوصول للكثير من الخدمات.
منذ يومين توجهت مواطنة مع زوجها لإتمام معاملة نقل رهن عقاري من مصرف لآخر عبر البرنامج ذاته الذي كان «واقع» صباح ذلك اليوم، فعادا أدراجهما على أمل إنجاز المعاملة مساء ذلك اليوم حيث علما بإمكانية الإنجاز عبر الأجهزة التي تم نشرها في مختلف مناطق المدينة لتسهيل معاملات المتعاملين وإسعادهم. توجها لأقرب مكان يتوافر فيه جهاز وقد كان في مستشفى الكورنيش، وبدوره كان معطلاً وقد كتبت عليه ورقة توضح أماكن توافر جهاز مثيل، وكان أقرب واحد لهما في مبنى مركز شرطة الخالدية، فإذا بحال الآلة لا يختلف عن سابقتها، وغاب عنهما أن الخلل ليس في الأجهزة وإنما في البرنامج الذي تعطل وعطل معه مصالح المتعاملين بدلاً من إسعادهم، وهي الغاية والهدف من الاستثمار الضخم للدولة في هذا التوجه الذي أصبح منهاج وأسلوب تعامل يحقق كفاءة الأداء وسرعة الإنجاز، ويحد من مراجعات المتعاملين الذين يضطرون للاستئذان من مقار أعمالهم أو يؤجلون ارتباطاتهم من أجل إنهاء معاملاتهم، فالكل لديه مسؤولياته والتزاماته.
مع تكرار مثل هذا الخلل في أنظمة وبرامج بعض الدوائر الخدمية الرئيسة بين الحين والآخر، يعود السؤال الذي يفرض نفسه حول دور وبرامج الدعم التي يفترض توافرها وتصل كلفتها لأكثر من كلفة البرامج الأساسية إن لم تكن مثلها!!. فبعض الوزارات والدوائر يكاد يكون خلل أو مرض «السيستم» فيها مزمناً بحيث جعلت مراجعيها يحنون لأيام الموظف الشامل وإنجاز المعاملة تحت سقف واحد. نتمنى أن نسمع مبررات معقولة تحترم العقول والطموحات والآمال الموضوعة على «معاملات بلا ورق».