بعد الخروج المحزن من الدور نصف النهائي لكأس أمم آسيا التي استضفناها في عام التسامح، خرج علينا الكثيرون من المتابعين للشأن الكروي من لاعبين وإداريين وإعلاميين ومن شرائح مختلفة من المجتمع بانتقادات لكل المنظومة الكروية بأسلوب افتقد للموضوعية في النقد والانتقاد، واتسم بالتجريح والإساءة للأطراف المعنية دونما معرفة تامة بمسببات الخروج.
كثيرون لا يدركون الفرق بين المصطلحين النقد والانتقاد، والمهم أن يرمي الشخص بسهمه كيفما أتى ليشفي غليله، أو بقصد الإساءة لأشخاص يعنيهم مباشرة لا فرق عنده بين نقد الأداء ونقد الذات. فالنقد هو تقييم العمل بمعزل عن ذات من قام به، ولا بد أن يتم بطريقة منهجية من متخصص أو خبير في الجزئية المتناولة، وغير منحاز لطرف، ويركز على إيجابيات وسلبيات العمل دون الالتفات لاعتبارات أخرى.. أما الانتقاد، فيأتي من شخص متعصب دون علم وخبرة، ويأتي نتيجة ردة فعل عاطفية منحازة، يتبنى أفكاراً مسبقة ويتصيد الأخطاء، ولا يهدف إلى الإصلاح، وإنْ سألته عن الإصلاح ربما يضل طريقه ويلبس عباءة الناصح ويخلطها بالتشهير والإساءة، ومحاربة نجاح الآخر أو بعقلية الوصاية على غيرهم.
بعد صدمة الخروج من البطولة نتيجة وأداء، خرج الكثيرون شاهرين سيوفهم تجاه الاتحاد واللاعبين والجهاز الفني والإعلام الرياضي دونما الإشارة للمسببات الحقيقية لذلك الخروج، ووصل بعضهم لتصفية حسابات شخصية على حساب المصلحة العامة وكأنما يريد أن يوصل معلومة بأنه هو الأجدر لقيادة المنظومة الكروية لو تمت الاستعانة به في المرحلة القادمة لأنه الخبير الأوحد في الشأن الكروي، ويستطيع النهوض بكرتنا والوصول بها إلى العالمية إذا ما أتيح له المجال، في الوقت الذي كان غالبية المنتقدين يوماً ما جزءاً من منظومة العمل في مراحل سابقة وفي مواقع مختلفة.
ننتقد رئيس الاتحاد وكأنه كان مطالباً بالنزول إلى أرضية الملعب وتسجيل الأهداف، وننتقد زملاءه في العمل بأنهم لم يمارسوا كرة القدم وأن معظمهم من أندية الهواة، وننتقد المنظومة والقائمين على أنديتنا واتحاداتنا بأنهم لم يمارسوا رياضات يديرونها.
ومع كل هذه الانتقادات المسيئة، لم نسمع من أي منهم حلولاً تنتشل كرتنا من مسلسل الإخفاقات، وكأننا ننتظر الفشل الدائم لنمارس هواية الانتقاد الدائم لكل الأعمال والأفراد، ونقلل من نجاحات الآخرين رغم يقيننا بأن الخلل موجود وبحاجة لمن يصوبه.