التفاؤل مصباح منير يضيء الدرب إلى الآمال العريضة، ويفتح نوافذ على المدى، ويسرج خيول العمل من دون الشعور بانسداد الأفق، فتقدم سيدي الإنسان تقدم، وفي التقدم يحدث الكمال «خليل جبران».
نحن بحاجة إلى التفاؤل كحاجتنا إلى الماء والهواء والدواء، إنه الترياق الذي يصنع بياض عمرنا، وهو المسبار الذي يستكشف مواطن القوة فينا فيحرضها على الحركة والعمل الدؤوب من دون يأس ولا بأس.
المحبطون هم أناس نزلوا عن صهوة الخيل وترجلوا وغاصوا في صحراء بحثهم عن الحياة فلم يجدوها بعد أن اصطدموا بأكوام الرمال والعواصف التي تصفع وجوههم.
المحبطون متذمرون متبرمون خاضعون لإدانات «الأنا» لكل ما هو في الواقع، هؤلاء يصدق عليهم المثل الشعبي «لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب».
بمعنى أنهم يعلقون قصورهم النفسي والعقلي على مشاجب الغير فيرمون الآخرين بالتهم، ويعتبرون أنهم هم سبب فشلهم، فلو رسب الطالب في المدرسة فسوف يتهم المدرسين بأنهم لا يحبونه وأنهم يتخذون منه مواقف متشددة ولن يعترف أبداً بأن سبب رسوبه هو تقصيره في المذاكرة وعدم اهتمامه بدروسه.
كذلك إذا لم يحصل الموظف على الترقية المناسبة فسوف يعلق السبب في عنق المدير ويتهمه بأنه شخص أناني ولا يحبه ويميل بمشاعره إلى الموظفين الآخرين، وأنه جاهل لا يعرف كيف يدير المؤسسة أو الدائرة أو القسم.
ولو تعثر شخص محبط بحجر في الطريق فسوف يلقي باللائمة على آخرين  ويتهمهم برمي الحجر في طريقه، ولن يفكر هذا المحبط بأن يتوقف قليلاً  ويحمل الحجر ويضعه على جانب الطريق بعيداً عن أقدام الناس، لماذا؟ لأنه شخص غير معني بمعالجة الأخطاء حتى ولو كانت بسيطة وفي متناول اليد، هو فقط مهتم بالبحث عن الحلول بواسطة الآخرين، هو مهتم بإيجاد المشاكل ليجد التهم جاهزة.
المحبط كائن منتمٍ إلى ذاته، هو كائن منعزل  تثبطه مجموعة عوامل وأولها التنشئة التي خرج منها بنفس منقبضة وروح مسلوبة وقلب، مثل ثقب أسود وعقل لا يتسع المتغيرات التي تحيط به. المحبط إنسان سوداوي مصاب باكتئاب شديد ومزمن ولا يمكنه التخلص منه إلا بالكشف عن نفسه وإيجاد المنطقة المتسببة بهذا الداء العصيب.
يقول سيرين كير كجارد «من لا يستطيع الكشف عن نفسه، فلن يستطيع أن يحب، ومن لا يستطيع أن يحب يعيش أبد الدهر تعيساً».
فالحب أولاً وأخيراً، الحب هو ذاك اللمسة السحرية التي تزيل الإحباط ومن ثم تقضي على الكراهية.
علموا الأبناء كيف يحبون فسوف تحصدون طاقات رهيبة، سوف تقطفون ثماراً طيبة، سوف تصبح العلاقة بينكم جميعاً كعلاقة الفراشة بالوردة، كعلاقة الجذور بالجدول. لا تفرطوا بالحب، إنه الحرز الذي يحمي الأبناء من اليأس، كما يدفع عنهم الانحراف، كما يمنع عنهم الإحساس بالدونية.