قيم الوفاء والعطاء والحب تحمي منجزات الإمارات، لقد رأينا رجالاً أبطالاً لديهم الاستعداد لأن يطوعوا الصعب ويتغلبوا على تداعيات المنخفض الجوي، وخصوصاً عمال البلديات ورجال المرور، في كل زاوية كان حضورهم ظاهراً ومؤثراً في يوم ممطر وصعب، جاء ورحل الحدث وأثبت ما لدى الإمارات من فرق وطنية قادرة على مواجهة الأزمات الطارئة، كما كشف هذا الحدث عن البنية التحتية القوية التي قللت إلى حد كبير من الأضرار، وهكذا أشرقت شمس جديدة وعادت الحياة تدور زاهية في إصرار وإيمان وثقة بأن يظل هذا الوطن جميلاً دائماً وأبداً، الإمارات زهرة جميلة، تجاوزت ظروف الطبيعة الصعبة، ومرت بتجربة بالتأكيد سوف تولد وتنبت بعدها حدائق وساحات وعمران جديد، كل شيء أثر فيه المطر والسيول، سوف يعاد تعميره، بل وإظهاره بصورة أجمل من السابق، وقد تولد أفكار جديدة ومشاريع أكثر بهاء.
 المطر والعواصف وتغيرات البيئة ليست بالأمر الجديد، وهو حدث تتعرض له مختلف الدول حول العالم، وقد شاهدنا كيف ظهر التلاحم بين الجهات الرسمية وبين الجهود التي بذلها المواطنون والمقيمون بحب وإخلاص كبيرين في مواجهة هذا الظرف المناخي، وفي الماضي ظهرت حكايات وروايات كثيرة في أبيات وأشعار الماجدي بن ظاهر في مطولته الشعرية الخالدة، والتي طاف فيها أرض الإمارات من أقصاها إلى أقصاها، حيث وصف الحياة والظروف والمتغيرات الطبيعية القديمة قبل مئات السنين.. عند كل منطقة وأرض وقف يصف الحياة والمتغير الطبيعي فيها، تحدث عن الأماكن وما مر بها من صعاب وأثر الطبيعة في تلك المنطقة، وقد كانت قصيدة ورحلة زمنية فاحصة ودقيقة.
 ومن أجمل الذكريات التي يرويها القدامى عن المطر وأثره وتأثيره، حكاية الوادي أو السيل الذي خرج من مناطق قريبة من قرية المدام وامتد في سيرة وتدفقه حتى عبر السيوح والبطايح، واستمر في المسير إلى أراضي أم القيوين، وأخيراً يصب في البحر هناك.. شيء لا يصدق وعجيب، عندما تشاهد هذه الأراضي الشاسعة وكيف عبرها السيل، تصاب بالحيرة من فعل الطبيعة وقوتها، خاصة عند أجيالنا نحن الذين لم يعرفوا غير الشمس الحارقة على مر العام، وكذلك الأراضي الصحراوية، لكن القدامى لهم ذاكرة بعيدة جداً، يعرفون أن الظواهر الطبيعية قد تعود، وتأتي مباغتة حتى بعد مئات السنين، ذكروا ذلك في قصائدهم وحكاياتهم الشعبية القديمة.. الآن تفجرت أودية وأفلاج وعيون جديدة لم يعرفها الناس، إنها الطبيعة والمطر والعواصف عندما تأتي تقدم تجارب ومعارف جديدة رغم قسوتها.. وتجعل الإنسان يعمر ويجعل البناء أقوى وأجمل، ويستوعب متطلبات المستقبل.. يمضي الحدث وتعود كل الشوارع والطرقات والمدن والقرى كما كانت وأجمل، وتبقى الإمارات دائماً أقوى بنسيجها المجتمعي المترابط، لأنها وطن الأمن والحب والخير والسلام.