بعد ثلاثة أشهر على انطلاق رئاسته في 2009، أُثني على الرئيس باراك أوباما لقراره تسمية أول رئيس تنفيذي للتكنولوجيا للبلاد، منصب كانت حملته قد تعهدت بإنشائه بهدف ضمان امتلاك الحكومة الأميركية لـ«البنية التحتية والسياسات والخدمات الملائمة للقرن الحادي والعشرين».
هذا الإنجاز كان أحد الأسباب التي جعلت المنبر الإخباري المتخصص في التكنولوجيا «إنغادجيت» في 2017 يعتبر أوباما «الرئيسَ الأكثر معرفة بالتكنولوجيا»، ناسباً إنشاء المنصب إلى الرغبة في جلب «عقلية السيليكون فالي إلى الحكومة الفيدرالية» والمساهمة في «تحديث الفرع التنفيذي». غير أنه بعد أكثر من 20 شهراً على بداية رئاسة جو بايدن، لم يعيّن بعد مرشحاً لمنصب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في الحكومة الفيدرالية، مما يترك منصباً مهماً يساعد على توجيه السياسة التكنولوجية للإدارة شاغراً. وكان النائب الأول للرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في الحكومة الأميركية ألكسندر ماكجيليفراي أعلن في ديسمبر الماضي أن الإدارة تبحث عن مرشحين للمنصب. ولكن البيت الأبيض لم يقدّم أي تحديث بعد بخصوص البحث.
والنتيجة، حسب قادة قطاع التكنولوجيا ومسؤولين فيدراليين سابقين، هي أن التكنولوجيا تُركت بدون مسؤول متخصص عن القطاع لقيادة مبادرات مهمة في الذكاء الاصطناعي والبيانات، وباتت تفتقر حالياً إلى صوت موحد لتوضيح فوائد التكنولوجيا في الحكومة. 
وفي هذا السياق، قال روبرت أتكينسون، رئيس «مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار»، وهو مركز بحوث يوجد مقره في العاصمة الفيدرالية واشنطن ويتلقى التمويل من شركات تكنولوجيا مثل ألفابيت ومايكروسوفت وأمازون: «إن الأمر مخيّب للآمال حقاً... وما كان ينبغي أن يستغرق كل هذا الوقت». (الجدير بالذكر هنا أن مؤسس «أمازون» جيف بيزوس هو مالك صحيفة «واشنطن بوست»).
أتكينسون، الذي كان عضواً في لجنة السياسة في حملة بايدن الرئاسية، قال إن مستشارين قدّموا لفريق بايدن عدة مرشحين للمنصب، معتبراً أن الفشل في الاختيار من بين مجموعة واسعة من المواهب إنما يُظهر غياب الاستعجال. 
وقال أتكينسون: «ليس من الصعب الحصول على رئيس تنفيذي للتكنولوجيا. إنه ليس صعباً حقاً»، مضيفاً: «وكل ما هناك هو أنهم لن يجعلوا هذا الموضوع أولوية. وقد كان بإمكانهم فعل ذلك بسهولة قبل عام ونصف العام لو كانوا يريدون».
تاريخياً، يساعد الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في الإدارة الأميركية على تزعم المبادرات الرامية إلى تعزيز الابتكار التكنولوجي في القطاع الخاص، وتسخير البيانات وأدوات أخرى للاستخدام الحكومي عبر الوكالات، وتوسيع الخبرة التكنولوجية في الحكومة الفدرالية، إضافة إلى تقديم النصح والتوصيات بخصوص السياسات. 
ولئن كان بايدن لم يختر مرشحاً للمنصب بعد، فإنه عيّن ماكجيليفراي في منصب النائب الأول، إضافة إلى نائبين آخرين هما دنيس روس ولين باركر. ويشغل روس أيضاً منصب كبير علماء البيانات في الحكومة الأميركية. أما باركر، التي عُينت من قبل ترامب، فقد استقالت من منصبها هذا العام. 
وعلاوة على ذلك، قام بايدن أيضاً برفع منصب مدير «مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا» التابع للبيت الأبيض، حيث يوجد مكتب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا، إلى مستوى عضو في الحكومة لأول مرة. غير أن المنصب ظل شاغراً لعدة أشهر ولم تتم إعادة ملئه جزئياً إلا مؤخراً. 
يذكر أن ثلاثة مسؤولين حملوا لقب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في عهد أوباما هم: أنيش شوبرا، الذي سبق له أن شغل منصب «وزير التكنولوجيا» تحت قيادة حاكم ولاية فرجينيا تيم كين، وتود بارك، الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وميغان سميث، الرئيسة السابقة بـ«غوغل». 
وقال آدم كوفاسيفيتش، الرئيس التنفيذي لما يسمى «تشامبر أوف بروغريس» («غرفة التقدم»)، وهي مجموعة مهنية من يسار الوسط تتلقى التمويل من شركات تكنولوجية كبرى: «أعتقدُ أنه كان دوراً مهماً للغاية ومهماً رمزياً في إدارة أوباما، يشير إلى أنه يرغب في استغلال التكنولوجيا والاستفادة منها بطرق إيجابية وفي إجراء مناقشات تراعي الاختلافات الدقيقة». 
هذا المنصب كان يُنظر إليه في الماضي باعتباره منصباً يخلق همزة وصل بين قطاع التكنولوجيا وواشنطن. ويرى أتكنسون أن شغور منصب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في عهد بايدن يمثل مؤشراً آخر على نوع العلاقة القائمة بين مديري شركات التكنولوجيا في منطقة «السيليكون فالي» وبعض المسؤولين في واشنطن. 
وقال: «مع رد فعل شركات التكنولوجيا، ولا سيما بين التقدميين حيث ينظر إلى التكنولوجيا على أنها مشكلة أكثر منها حلاً... أعتقدُ أن لسان حال الإدارة يقول:«لماذا الضغط؟». 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»