دخلت حرب غزة أسبوعها الثالث ويبدو أنها لن تنتهي قريباً. وهناك أربعة عوامل تتحكم في سير القتال ومدّته وهي: أزمة الرهائن، والأزمة الإنسانية، ومصير الأجانب العالقين في غزة، والخوف من اتساع رقعة الحرب. وهذه العوامل هي السبب الرئيس الذي دفع إسرائيل لتأخير غزوها البري.
احتجزت حركة «حماس» أكثر من 200 رهينة خلال هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر. ويُعتقد أن هناك مواطنين من حوالي 30 بلداً احتُجزوا خلال الهجوم أو قُتلوا، وأن الكثير منهم نُقلوا إلى داخل غزة. وتشير المؤشرات إلى أن «حماس» ربما لم تكن تنوي احتجاز كل هذا العدد، لكن لما كانت إسرائيل غير مستعدة لهجوم بهذا الشكل، تم تجميع الرهائن ونقلهم بسرعة كبيرة من دون التحقق من هوياتهم. ونتيجة لذلك، تنخرط العديد من البلدان حالياً في جهود ترمي إلى ضمان إطلاق سراح مواطنيها. وهذا الأمر يشكّل ضغطاً على «حماس» لإطلاق سراح بعض الرهائن، مثلما يشكّل ضغطاً على إسرائيل للإحجام عن شن هجوم بري يمكن أن يؤدي إلى موت الكثير من الرهائن بسهولة. 
وأغلب الظن أن «حماس» ستستمر في استخدام الرهائن كورقة مساومة لزيادة إمدادات الغذاء والماء والدواء. غير أن سماح إسرائيل في النهاية بإدراج الوقود ضمن المساعدات التي يتم تسليمها لغزة من عدمه سيتوقف على تحديد آلية لضمان ذهاب معظم الوقود الذي يتم إدخاله إلى غزة للمستشفيات التي هي بأمس الحاجة إليه من أجل الإبقاء على المولدات مشتغلةً وبالتالي توفير الكهرباء لإنقاذ أرواح الأعداد اليومية من ضحايا الضربات الجوية الإسرائيلية. 
غير أنه مع مرور كل يوم، سيزداد الوضع الإنساني تدهوراً، الأمر الذي سيزيد من الضغوط السياسية على كل من «حماس» وإسرائيل من أجل تعديل تكتيكاتهما بهدف تقليص مخاطر اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط ستكون كارثة على المنطقة وخارجها. وفي هذا السياق، كثّف كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة، من خلال مقاربات مختلفة، دعواتهم إلى تأخير الهجوم البري الإسرائيلي في غزة. فقد حثّ الرئيس الأميركي جو بايدن ووزيراه في الخارجية والدفاع على توخي الحذر محاججين بأنهم لئن كانوا يفهمون الضغط العاطفي للقضاء على «حماس»، فإنه ينبغي على إسرائيل أن تتعلّم من أخطاء أميركا في المبالغة في رد الفعل باستخدام القوة المميتة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر عام 2001. وإذا كان القادة العسكريون الإسرائيليون الحاليون يقولون إن قواتهم مستعدة تمام الاستعداد، فإن بعض العسكريين الإسرائيليين المتقاعدين يعززون أيضاً الحجة التي تذهب إلى أن حرب المدن صعبة ومكلفة للغاية، لا سيما بالنسبة لقوة غازية غير متعودة على المناطق الحضرية خلافاً لقوات «حماس» التي كانت تعدّ العدة لمثل هذه الحرب منذ سنوات عديدة. 
وفضلاً عن ذلك، فثمة قلق كبير من أنه حين ينتهي الغزو البري فإنه يبدو عدم وجود خطة مقنعة للمرحلة التالية. ذلك أنه حتى في حال تم تحييد عناصر «حماس» أو القبض عليهم جميعاً، فمن سيتولى إدارة غزة المدمرة جزئياً؟ الأكيد أن كلفة إعادة الإعمار، وصيانة البنية التحتية الأساسية، وإدارة المنشآت الإنسانية.. كل ذلك سيمثّل تحدياتٍ باهظة الثمن.
لدى إسرائيل حالياً حكومة ائتلافية، غير أنه بمجرد توقف القتال سيكون من الصعب تصوّر بقاء نتنياهو في منصبه كرئيس للوزراء، وذلك بالنظر إلى أن 70 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أنه مسؤول عن أكثر الأخطاء كارثيةً على الأمن الإسرائيلي منذ إنشاء الدولة العبرية في عام 1948.
وقد ترغب حكومة إسرائيلية جديدة أكثرَ وسطيةً في الانخراط مجدداً في «عملية السلام» التي توجد في حالة احتضار منذ سنوات عديدة، وفي معالجة الحاجة إلى التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين في نهاية المطاف. فربما يصدم رعبُ هذه الحرب إسرائيلَ والدول العربية الرئيسية ويدفعها إلى العمل معاً من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع. أما إذا لم يحدث ذلك، فالنتيجة الحتمية ستكون حروباً لا نهايةَ لها، وبالنظر إلى تكنولوجيا الأسلحة الجديدة والمطوّرة، ستكون تلك الحروب أكثر تدميراً وأعلى كلفةً. 

*مدير البرامج الاستراتيجية في مركز «ناشيونال إنترست» - واشنطن