أعلن الرئيس جو بايدن ترشحه لولاية ثانية وإنْ كان الكثير من الناخبين «الديمقراطيين» قد أخبروا منظمي استطلاعات الرأي أنهم لا يرغبون في أن يفعل ذلك. من المفهوم أن يشعر الناخبون بالقلق من وجود رئيس في الثمانينيات من العمر في الحكم. ولكن إذا كان الأمر يتعلق بكيفية تعامل بايدن مع منصب الرئيس، فيجب على «الديمقراطيين» أن يبتهجوا بمرشحهم المحتمل.
كان التحدي الذي واجهه بايدن طوال فترة رئاسته هو الوفاء بوعدين مختلفين للغاية قطعهما في 2020: استعادة الحكم بشكل طبيعي في أعقاب فوضى رئاسة دونالد ترامب وأن يحكم بصفته «ديمقراطيا» رئيسيا في حزب أصبح ليبرالياً بشكل متزايد خلال العقد الماضي. بالنسبة للجزء الأكبر، فقد وجد سبلا لتحقيق ذلك.
لقد نجح إلى حد كبير في إدارة البيت الأبيض بدرجة عالية من الاحتراف - وإنْ كان منحازاً بشكل صارم. فقد تجنب فريقه الفضيحة، وتمكنت الإدارة من تجنب أنواع التسريبات حول الاقتتال السياسي الذي غالباً ما يشير إلى الانقسامات الداخلية. إنه تناقض حاد ليس فقط مع الفوضى المستمرة لإدارة ترامب، ولكن أيضاً مع بعض الفترات المضطربة في رئاسة كل من جورج دبليو بوش وبيل كلينتون، عندما كانت مثل هذه الاشتباكات تنذر في كثير من الأحيان بفشل سياسي.
لكن أهمية الأداء العام للرئاسة مبالغ فيها بشكل عام حتى في تأثيرها على الشعبية الرئاسية. ريجان مثال جيد: كان أداؤه العلني هو نفسه إلى حد كبير في سنواته الأولى والثانية والثالثة، عندما كان لا يحظى بشعبية؛ وكذلك في السنوات الثلاث التالية والسنة الأخيرة عندما كان يتمتع بشعبية كبيرة؛ وفي عامه السابع، حيث كان يتمتع بشعبية معتدلة. لكن الأحداث هي التي أثرت على موقفه مع الناخبين: الفضيحة، والتضخم، والركود أو الازدهار، والحرب الباردة، أو الدبلوماسية.
أظهر بايدن مزايا درايته بكيفية عمل البيت الأبيض والسلطة التنفيذية. وقد أتى هذا التفاهم بثماره عندما أتيحت الفرصة لبايدن. بالرغم من الأغلبية الصغيرة للديمقراطيين في الكونجرس في 2021-2022، تم إقرار عدد مذهل من أولويات «الديمقراطيين»، بما في ذلك سياسات المناخ والصحة، إلى جانب الصفقات بين الحزبين بشأن البنية التحتية وأول إجراء لسلامة السلاح يتم تمريره منذ فترة طويلة.
من السابق لأوانه قياس مدى نجاح نهج بايدن الآن بعد أن سيطر «الجمهوريون» على مجلس النواب. من المؤكد أن العامين الأوليين لبايدن لا يمكن مقارنتهما، على سبيل المثال، بعامي 2009-2010 أو عامي 1965-1966، وهما فترتان مثمرتان بشكل خاص حيث كان «الديمقراطيون» يسيطرون على كلا المجلسين في الكونجرس والبيت الأبيض. في حين أن تصريحات بايدن العرضية بأنه سيحل الاستقطاب الحزبي في الكونجرس من خلال القوة المطلقة لخبرته التي امتدت لعقود في مجلس الشيوخ كانت هراءً، من العدل منحه درجات قوية للعمل مع الكابيتول هيل، بما في ذلك مع «الجمهوريين».
وبالمثل، جمع بايدن فرقا قوية ومُدارة جيدا لإدارة السياسة الخارجية والشؤون الداخلية والاقتصاد. لكن وجود موظفين موهوبين وأسلوب إدارة جيد لم يمنع حدوث مشاكل مثل الانسحاب الفوضوي من أفغانستان أو ارتفاع التضخم العام الماضي، كما أنه لم يحل الجمود السياسي الذي طال أمده في مجالات مثل الحدود أو المخدرات أو الأسلحة. (يجب على الديمقراطيين المناهضين للحرب، على وجه الخصوص، أن يمنحوا بايدن علامات عالية لإنهائه فعلياً للتدخل المستمر في أفغانستان، الذي يبدو أن الرؤساء السابقين لم يؤمنوا به بينما لم يكونوا مستعدين أيضاً لتحمل الضغط من أجل الانسحاب). كما قام بايدن بعمل من الدرجة الأولى في الحفاظ على التحالف معاً في دعم أوكرانيا. لكن الرؤساء ليس لديهم نفوذ كبير على الاقتصاد، خاصة على المدى القصير: لذا لم يكن بايدن مسؤولاً عن التسارع المؤلم في التضخم أكثر مما كان يستحق الثناء لسوق العمل المزدهر.
لقد قطع كل هذا شوطا طويلا نحو الوفاء بالنصف الآخر من تعهد بايدن بالعودة إلى الحكم الطبيعي.
نحن في عصر الرئاسات الحزبية، وباستثناء جزئي (ومعقد) لترامب، اتبع الرؤساء الجدد تفضيلات حزبهم السياسية. دفع الرئيس بايدن بأفكار «الديمقراطيين» حول الرعاية الصحية والمناخ وحقوق التصويت والبنادق. وقد فعل ذلك باقتدار. العمر هو أهم سلبياته، مع ما يعتبره البعض يهدد نقص الابتكار وانخفاض مستويات الطاقة. ومع ذلك، تعد التجربة ميزة حقيقية، وحتى الآن، من الواضح أن التوازن كان في الجانب الجيد.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سيتديكيشن»