مرت على الشبكة العنكبوتية، ولا تزال، أعداد لا تحصى من مشاريع وأفكار المواقع الإلكترونية التي انطلقت بأهداف كبيرة إلا أنها اصطدمت سريعاً بحائط الإحباط وعدم الرواج، ولم تستطع الاستمرار لسبب أو آخر. ولا شك أن إنشاء المواقع الناجحة يعتمد على خطوات أساسية وخصائص موضوعية تحدد النجاح من الفشل. ومن أولى هذه الخطوات، تحديد الهدف من هذه المواقع ليتسنى من ثم تحديد الجمهور المستهدف، والهوية المهنية، ثم تخطيط ملامح وخصائص وأقسام المحتوى، الذي على أساسه يتم تكوين فريق الصحفيين العاملين والمتعاونين. ولكن النجاح في كل ذلك يتوقف أيضاً على الإخراج أو التصميم الفني، الذي يلعب دوراً حاسماً في رواج أو عدم رواج، أو حتى في فشل الموقع الصحفي الإلكتروني. ويقوم التصميم الفني بثلاث وظائف رئيسية: وظيفة بصرية وجمالية؛ ووظيفة تسهيل وصول الزوار إلى المضمون والمعلومات؛ وإشعار زوار الموقع بالألفة التي تحفزهم على تكرار الزيارة ومزيد من التفاعل. وبينما يعتقد كثيرون بأن هناك تشابهاً بنسبة كبيرة بين الإخراج الفني التقليدي والإخراج الفني الموجه للإنترنت، أعتقد بعدم جواز التشبيه والمقارنة بين الاثنين لأن هناك منطلقات مختلفة نوعياً. ومن أبرز أوجه الاختلاف النوعي، أن إخراج الصحف والمطبوعات الورقية مثلاً يتحرك على مساحة محددة، لكن بفضل الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية تحررت الصحافة الإلكترونية لحد كبير من هذا القيّد، كما جعلت للإخراج الفني خصائص جديدة لم تكن متوافرة في الصحافة التقليدية، ألا وهي خصائص الشاشة الضوئية، التي يمكن القراءة من ورائها. فنياً، عادات القراءة والمشاهدة على الشاشة الضوئية لا تعني لا من قريب ولا من بعيد، شاشة التلفزيون، بل هي شيء مختلف عنها مثل اختلافها عن التصميم الورقي. أي لا مجال لمطابقة التصميم الفني الإلكتروني مع أي منهما، ولا إلى دمج ميزاتهما معاً، ولا يمكن بالتالي أن يكون عملية «تجميع» للعناصر الرئيسية للإخراج التقليدي من جهة «العنوان، النص، الصور، الرسوم البيانية، الفنط، الألوان الرئيسية.. والفراغات»، والعناصر الجديدة للنشر الإلكتروني من جهة ثانية «مثل تعدد الوسائط وخدمات الإحالة والتحويل والتشارك والطباعة والتعليق وغيرها...».. إنه شيء جديد بكل معنى الكلمة، ويتطلب رؤية خاصة كلياً، ولهذا السبب لا نؤيد قول البعض إن الإخراج الفني الإلكتروني يستخدم أدوات الإخراج التقليدي نفسها أو يعتمد بنسبة 80% على قواعدها، بل إن انتشار هذا الاعتقاد ربما أسهم في فشل الكثير من المواقع. وللحد من هذا الفشل، حان الوقت للاقتناع التام بأن التصميم الفني للمواقع يجب أن ينسجم مع حقيقة آلية عمل واستخدام شبكة «الويب» وميزاتها، وتطبيقاتها، ويتطلب استيعاباً لآليات ومزايا الشبكة وأبعادها المختلفة وعادات القراءة والتصفح.. أي استيعابها كل معاً، في وقت واحد، وعندها ستكون فرص وإمكانيات الابتكار .. ونجاح المواقع عامة، مضمونة، أو مقبولة نسبياً على أقل تقدير. barragdr@hotmail.com