يصعب التكهن بمستقبل حقوق الملكية الفكرية، لكن حجم المواد التي يتم تداولها على شبكة الإنترنت، سيكون أضعاف ما هو عليه الآن وفق نسب التطور الحالية لحجم البيانات المتداولة، حيث تزداد حركة نمو البيانات بنسب قد تصل إلى 100% سنويا ما يؤدي إلى ازدياد معاناة الفرد وعجزه عن متابعة كثير من مصادر المعلومات والمحتويات ذات الطبيعة الصحفية-الآنية على وجه التحديد. لكي لا يتخلف المرء عن اللحاق بالجديد، يتطلب الأمر ترتيبا ما. وهناك كثير من الحيثيات التي تدفع باتجاه هذا الأمر: 1-الكم الهائل من الأخبار المكررة. 2-الانزعاج وضياع الوقت الذي يؤدي إليه الغرق بين مصادر «تتلاعب» بتكرار المحتويات. 3-غياب قواعد تصنيف مصادر المحتويات والأخبار، بين ناشر/ناقل، وبين صانع محتوى، وبين مصادر تدمج بين الاثنين، وغياب المعايير المهنية التي تهذّب إعادة النشر وشروط تعديل المحتوى وغيرها. ربّ قائل إن المشكلة نفسها، كانت موجودة نسبيا مع الإعلام التقليدي قبل الإنترنت، ولاسيما في دول العالم الثالث، حيث تتشابه مانشيتات الصحف ومحتوياتها وعناوين النشرات التلفزيونية والإذاعية. ولكن حجم المشكلة أصبح مع الإنترنت عبئاً حيث فرض المتابعة الحثيثة لتدفق المحتويات في وقت ارتفعت أعداد مصادر الأخبار آلاف المرات في ظل خلط واسع بين المصادر المهنية والمنتديات وصحافة الهواة أو الإعلام الاجتماعي. . إلا أن طرح هكذا مشكلة يجب ألا يكون بشكل يُساء فهمه، وإلاّ أعتبر تهديدا للتنوع. بل إن أي إطار لبحثها يجب أن يحرص على ملامح منها: 1- أي حل يجب ألا يمس، لا من قريب ولا من بعيد، حرية التعبير والرأي ونقل المعلومات، ويتجنب أي اقتراب من إجراءات بعض الدول الساعية لفرض قيود على حرية الإنترنت. 2-ضرورة انسجام أي حل مع أكثر التطبيقات العالمية لحقوق النشر والنقل انفتاحاً، بما فيها «رخص المشاع الإبداعي». 3-قد لا يكون ضروريا اللجوء لأي تشريعات ذات طبيعة قانونية، حتى بشأن مواقع الأخبار المهنية الربحية، بل يمكن أن يكون الحل ضمن أخلاقيات ومواثيق إعلامية، أو مبادرات وحملات ومنظمات تروّج للقواعد المنشودة للحل وتجعلها أحد معايير تصنيف المواقع وصدقيتها. 4-كما يمكن بحث المشكلة وحلّها عبر المنظمات المهنية وعبر مناهج الدراسة في الجامعات وكليات الإعلام، وكذلك مع محركات البحث وشركات التكنولوجيا التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ذلك، مثل إظهار روابط المحتويات المكرّرة مقرونة بإشارة أو وسم خاص، أو خفض ترتيب المواقع بمقدار اعتمادها على النقل والتكرار. لن تكون مثل هذه الإجراءات والقواعد والمواثيق كافية، لكنها خطوات قد تكون كافية لوضع حد لمشكلة تدفق الأخبار المكررة والمنقولة والمصادر التي تكثر من هذا التكرار وبات يمكن تصنيفها ضمن «المزعجات».