بدأ في منطقتنا من مدينة حرمة شمال الرياض مع الفيصلي، قبل أن يتجه إلى الهلال، حتى حط به الرحال في مدينة العين، عاش 3 سنوات، أكثرها حلو، وبعضها مر، ثم عاد إلى كرواتيا، واليوم أصبح قريباً من قمة العالم كله. من النادر أن يأتي مدرب إلى هنا ويدرب أحد أكبر الفرق وأكثرها شعبية ويستمر لفترة طويلة، وعندما يغادر تحتفظ له بالكثير من الود والاحترام والتقدير، تتمنى أن تتذكر له موقفاً واحداً تحسبه عليه فلا تجد، وكان يرد على أقسى الانتقادات الجماهيرية برحابة صدر وابتسامة، كان على وشك اعتلاء قمة المجد الكروي الآسيوي ولكن كرة القدم أحياناً تكون مخادعة، فحرمته من الذي كان يستحقه بعد فرص بالجملة وركلة جزاء ضائعة. وفي ليلة انتشر الخبر المثير، فقد أقيل شاشيتش مدرب منتخب كرواتيا بعد أن ضعفت حظوظ الفريق في التأهل إلى كأس العالم، وكان البديل هو زلاتكو، ولكن ما الذي يستطيع فعله في يومين، وهو مطالب بالفوز على أوكرانيا في عقر دارها حتى يتمكن من اللحاق بالملحق الأوروبي، ولكنه رجل التحديات، وكان القدر يخبئ له الشيء الكثير، قبل بالمهمة وتمكن من الفوز، وتأهلت كرواتيا إلى الملحق، حيث تغلب على اليونان، لينجح في مهمة الإنقاذ، وكانت المكافأة الفورية بعقد جديد يستمر حتى 2020، وقد كانت تلك الخطوة التاريخية أشبه بانقلاب كروي امتدت آثاره على صعيد الكرة العالمية حتى يومنا هذا. أجريت القرعة وكرواتيا في المجموعة الرابعة مع منتخبات الأرجنتين وآيسلندا ونيجيريا، فكان الفوز الأول على نيجيريا بهدفين نظيفين، قبل أن يحين موعد تلك المباراة التاريخية، وفيها نجح زلاتكو قيادة منتخب بلاده للفوز على الأرجنتين وميسي بثلاثية نظيفة، لم يكتفِ بذلك، فقد هزم آيسلندا في المباراة الأخيرة، ليحلق بالعلامة الكاملة، ويصعد متصدراً مجموعته، ثم أقصى الدنمارك بالركلات الترجيحية، ومن ثم تمكن من إخراج أصحاب الأرض المنتخب الروسي بالركلات نفسها، ليحجز موعداً مع التاريخ في نصف نهائي كأس العالم، ولا تزال المغامرة مستمرة. كرة القدم تكافئ المجتهدين، وزلاتكو أحدهم، بل في مقدمتهم، وها هو اليوم يصنع لنفسه اسماً بارزاً في سماء التدريب، وهو الذي استبعد لاعبه كالينيتش من القائمة التي ظلت ناقصة، وانتصر للمبادئ والسلوك والانضباط على حساب الموهبة، فهو يؤمن بأن المنتخب الوطني أهم من النجوم والأسماء، لا يستحق ارتداء قميصه سوى المنضبطين والقادرين على العطاء.