الثلاثاء 21 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

إجراءات مصرفية جديدة لتمويل الواردات في مصر

إجراءات مصرفية جديدة لتمويل الواردات في مصر
12 نوفمبر 2011 23:34
تواجه حركة التجارة الخارجية المصرية خاصة على صعيد الاستيراد صعوبات متعددة، بدأت تلقي بظلالها على مؤشر أسعار السلع المستوردة وإتاحتها بالقدر الكافي في السوق المحلية. وتشمل هذه الصعوبات إحجام عدد كبير من البنوك عن منح تسهيلات للموردين أو إصدار خطابات ضمان أو فتح اعتمادات مستندية، إلا بعد التزام المستورد بسداد قيمة البضاعة التي يعتزم استيرادها بالكامل إلى البنك. وبموازة ذلك تشترط الشركات المصدرة للسوق المصرية خاصة في الصين وبلدان شرق آسيا الحصول على مستحقاتها نقداً، نظرا لخوف هذه الشركات من عدم الحصول على مستحقاتها بنظام السداد الآجل مثلما كان متبعا من قبل. كما تشمل الصعوبات ارتفاع تكلفة التأمين على البضائع المتجهة إلى السوق المصرية بسبب ارتفاع تكلفة النقل والتأمين والاقتراض وغيرها. وتزامن مع هذه الخطوات توقف البنوك المحلية أو الدولية عن منح قروض لتمويل صفقات التجارة الخارجية المصرية، بسبب الاضطرابات المالية العالمية في معظم البنوك وفي مقدمتها الأوضاع المالية في أوروبا على وقع تطورات أزمة الديون الأوروبية أوبسبب أزمة نقص السيولة لدى البنوك المصرية مما دفعها إلى رفع أسعار الفائدة إلى 11,5% مقابل 9,5%، وكذلك قيام هذه البنوك بإعادة ترتيب أولوياتها التمويلية واستبعاد تمويل واردات من الخارج من دون غطاء نقدي بالكامل لدى المستورد. وقالت مصادر مصرفية إن أحد الأسباب غير المعلنة وراء توقف البنوك عن منح تمويل للواردات هو تنامي المخاوف من استخدام عمليات الواردات كغطاء لتهريب أو تحويل أموال إلى الخارج، ووصول هذه الأموال إلى بعض الحسابات الشخصية في البنوك العالمية بعد أن صدرت اتهامات لعدد من البنوك حول مساهمتها في تسهيل عمليات خروج كميات هائلة من الأموال عقب اندلاع الثورة المصرية، وهو ما نفته هذه البنوك. وترتب على هذه الصعوبات تراجع نسبي في حجم الواردات خاصة خلال الربع الثالث من العام الجاري حسب إحصاءات وزارة التجارة الخارجية والصناعة، ما تسبب في ارتفاع العديد من أسعار السلع المستوردة خاصة المواد الخام والسلع الوسيطة التي تدخل في إنتاج سلع أخرى استهلاكية بمعدلات تراوحت بين 20 و30%. سعر الصرف ويرشح متعاملون في السوق هذه المعدلات لمزيد من الارتفاع خلال الفترة المقبلة على ضوء ارتفاع سعر صرف الدولار واليورو عملتي الاستيراد الرئيسيتين مقابل الجنيه، حيث تجاوز سعر صرف الدولار ستة جنيهات وتجاوز سعر صرف اليورو ثمانية جنيهات. ويسعى اتحاد الغرف التجارية وشعبة المستوردين لإقناع البنوك بعودة التمويل الجزئي للواردات، لأن استمرار السياسة الراهنة سوف يؤدي إلى تراجع حاد في معدلات السيولة لدى التجار والمستوردين. ومن المنتظر أن تتقدم شعبة المستوردين بمذكرة إلى اتحاد البنوك خلال أيام تتناول الآثار السلبية لتوقف تمويل الواردات. ومن جانبها، تترقب البنوك بحذر الانتخابات البرلمانية القادمة، حيث أن إنجاز هذه الانتخابات على نحو إيجابي سوف يدفع مؤسسات التصنيف العالمية إلى إعادة النظر في درجة التصنيف السلبية التي منحتها لمصر مؤخرا، ورفع درجة التصنيف للبنوك المصرية مما يؤهلها لاعتماد سياسات تمويلية جديدة أكثر انفتاحا. السلع الضرورية ومن المنتظر التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يقضي بوضع قائمة استرشادية بالسلع الضرورية اللازمة للمصانع والسلع الاستهلاكية المهمة للمواطن، بهدف إعادة النظر في قرارات التمويل الجزئي وحتى لايبدد رصيد احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي والذي تراجع من 36 إلى 24 مليار دولار منذ اندلاع ثورة 25 يناير. ولعبت عمليات الفحص المكثفة التي تقوم بها البنوك في التعامل مع طلبات فتح الاعتمادات الاستيرادية دورا مهما في رفض العديد من الطلبات الخاصة باستيراد سلع غير ضرورية، ما أسهم في خفض فاتورة الواردات خلال الربع الثالث من العام. ويرى متعاملون في سوق الاستيراد المصرية أن تراجع حجم الواردات أمر طبيعي في هذه المرحلة نظرا لتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وتراجع متوسط الدخل العام للفرد بسبب فقدان الكثيرين لوظائفهم في شركات ومصانع أغلقت أبوابها، إلى جانب توقف العمل في العديد من المشروعات وتراجع الطلب على السلع الوسيطة والمواد الخام المستوردة وتوقف الحكومة عن طرح مشروعات جديدة أو إصدار أوامر توريد لشراء سلع ومستلزمات للجهاز الإداري للدولة، ما انعكس سلبا على حركة تصريف البضائع وتباطؤ حركة الاستيراد وتوقف بعض المستوردين عن استيراد سلع جديدة حتى يتم تصريف الكميات التي قد جرى استيرادها في وقت سابق. ويشير متعاملون إلى أن ارتفاع أسعار السلع المستوردة في السوق المصرية لا يعود إلى القيود التي وضعتها البنوك على عمليات تمويل الواردات بقدر ما يعود إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد، وارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع أسعار هذه السلع ذاتها في الأسواق العالمية، بسبب اضطراب أوضاع الاقتصاد العالمي وتراجع إنتاج هذه السلع خاصة المحاصيل الزراعية والسلع الغذائية. ويتوقع هؤلاء المتعاملون استمرار موجة ارتفاع أسعار السلع الرئيسية المستوردة في السوق المصرية في المرحلة القادمة استنادا إلى توقعات عالمية باستمرار ارتفاع أسعار هذه السلع واستمرار التصنيف المنخفض للاقتصاد المصري لمدة زمنية قادمة. وقال محمد المصري نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية “إن حركة التجارة الخارجية المصرية تواجه صعوبات عديدة بعد أن فقدنا العديد من الأسواق العالمية الرئيسية بالنسبة للصادرات”. وأضاف أن غموض الموقف السياسي وتدهور الأوضاع الأمنية في أي بلد يثيران مخاوف الشركات الأجنبية ويجعلان عملية التبادل التجاري معها محفوفة بالمخاطر وترتفعان تكلفة التبادل. وأكد أن حركة التجارة الخارجية المصرية سوف تسترد اوضاعها الطبيعية بسرعة مع حدوث تحسن نسبي في المشهد السياسي العام بالبلاد، بل إن هذه الحركة مرشحة للزيادة مع عودة النمو القوي للاقتصاد المصري. أما حلمي السعيد رئيس قطاع أمناء الاستثمار في بنك مصر، فيؤكد أن الإجراءات التي اتخذتها البنوك في الفترة الأخيرة والمتعلقة بتمويل الواردات احترازية ومؤقتة وفرضتها الظروف الراهنة، مضيفا أن البنوك سوف تعيد النظر في هذه الإجراءات مع تحسن الأوضاع. وقال إن البنوك لم تتوقف عن تمويل سلع ضرورية سواء للتصنيع أو الاستهلاك المباشر لكن حدث نوع من إعادة ترتيب الأولويات التمويلية وتفضيل السلع الضرورية واستبعاد السلع الترفيهية والكمالية التي تستنزف موارد النقد الأجنبي للبلاد، وهو أمر مطلوب في هذه المرحلة بعد أن فقدنا ثلث الاحتياطي النقدي في شهور معدودة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©