السبت 25 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إذْ قلتُ لشعري··

إذْ قلتُ لشعري··
1 ابريل 2009 23:08
ورغم سرطان البصيرة، تواصيتُ بجحيمي، واهتديت·· ضجيج الظلمة يتلو: اذهبي أنتِ وشعركِ فقاتلا! لم تكن فوانيس الإشارة تكفي لعبور النهر إلى سيرته الأولى·· ولم تكن موسيقى السماء تائهة بعدُ·· كلُّ ما كان، لمْحتَها، حرفٌ ممتدٌّ·· فيه انطوت اللغات، البشرية، الغابات، الكائنات، والأكوان·· لا أدري إن غادرني ظلي كما يجب·· أو··، أن البرق خدع ضوءه، فخلع المتضادات، وارتدى متناقضاتي! في الحرف الممتد، الممتد، سريتُ·· وإنَ كتب الله عليّ الولوج، تداخلتُ·· كأني نبضة وحيدة تجري فيما سيكون جسدي·· كأن جسدي يتملّص لتوّهِ من الريح والطين والماء والنار والنفخة·· وقاب شروقين، سأقف أمام جسدي لنخرج من العناصر! روحي تطأ الوقت المولود الآن، فترنّ الأرض رنتها الأولى في الفضاء·· ولا··، تخفت الموسيقى! الطين اللازب سيتشكل·· لكنْ، ليس قبل أن تتشكل اللامرئيات، وتهاجر من حرفها الممتد·· واتسعت اللحظة حتى ضيقها الأقصى·· وتكاثفت الأبعاد حتى التلاشي·· بعدُ··، لم ينشط الممكن·· ولم··، ترقص الراهبات·· ولم يسكن الهدوء·· صامتة إلا من كل حركة لا تتوقعها الحركة، أعتصم بمحمد·· كم صلّى عليه مَن لا ترون! لن أمسك بالدهر، بل سأصنع منه عقوداً يلبسها كل من يدخل المعبد·· يوقن العارفون بأن الأبدية تذوب كلما نظرنا إليها·· وسواء تكونت، تغيرت، أم لم تتكون، فلا شأن للريح بهذه التحولات·· سيفنى ما نشير إليه، تفنى الإشارة، ولا يبقى سواه·· سأتظلل من مطري بمخيلتي، وأتواصى بالمجرد واللامجرد·· هل ثمة من يمكث في الحرف الممتد؟ سكرى بما أرى·· والوشاية لا تكفي·· أسراب الملائكة، تقترب، وتبتعد·· سواكن الحرف، تقترب، وتبتعد·· وأنا من أنا، أقترب وأبتعد·· كل شيء دائخ·· الأرض تميل وتسقط·· السماء تميل وتصعد·· وروحي خاشعة تهمس: إذ قلتُ لشعري، لا تخفْ·· إن الله معنا·· وكان البدءُ، وكان سرطان البصيرة·· ورغم الجحيم، تواصيتُ واهتدينا·· يا·· شعري، لا··· تخفْ·· أليس الله معنا؟ أحْـلامُ الأرْبـعَـاء مروة الخانجي ليْلةَ الأرْبعَاءِ أقسّمُ حِصّتي من الحُلمْ نِصْفه أوحِيهِ للشمْسٍ غداً أقصُوصَةً عَذرَاءَ لمْ تُحكَ فتطوَى ونِصْفٌ أعِيدُ به تشكِيلَ الخرِيطة آهٍ كم يُريعُ الحلمُ الجميلُ قطيعَ العُمُر كي أمْعِنَ في الهروبِ أكثرَ مَعَكِ يا سَمرقَنْد كأنها لم تكن حُلُماً كأنْ لم تكُنْ··· ويرمِي رَذاذُ الحَقيقةِ مِيلادَ الحَكايا وسِنْدِبادِيَ الحَبيبْ كأنْ لم تكن سُؤالاً للنّوارِسْ تحُطّ اليَوْمَ وبعدَ اليَومِ لا تعْبأُ بالزّمَن! وَشيكاً كان ولم يكن رَبيعاً كان وارتحلْ كنَيْزكِ ألفِ عَامٍ وعامٍ وهْمٌ يُمليهِ خَدَرُ القصيدةِ وامتهانُ الأمَلْ أو بَسْمة انشقّت مِن دَفاتِرَ رَثّةٍ كانَتْ قَد تعِبَتْ مِن إمْلاءِ الأمْنِيات! ليْلة الأرْبعَاء أطرّزُ العَباءَة مَدّ البَصَرْ بدَعَواتِ أمّي وأزرَعُ فيها عُشْباً وزَعْتَرْ وخرَزاً تعشّق لوْنَ المَحَارِ وأدعو إليها عيداً وقدراً وأدعوها حرماً لتمشي إليها حاضرات البحار سواءً كَطيْرٍ ألْقمَتهُ الرّمالُ حِكْمَة الارتحال وسِيَرَ القَبَائِلْ، وشيئاً فشيئاً سيبعث منها سِرّ كأنثى أشدّ حَياءً أماناً أماناً···· ووَيْحَ الرّسائلْ! ··· وكان قريباً أخيطُ عَبَاءَتي عُمُراً للوُرُودْ فلنْ يَكبرَ الحُلمُ أكثرْ يا ليْلة الأرْبِعَاء· نَشِيْجُ الأقَاصِي عيسى عبدالله في جُرحِ الغيم مكتُوبٌ: عَليَّ أن أحضُنَ بحنينٍ جمرةَ هذا العالم إلى الأبد، أنا دَمُهُ، روحه أبديَّةُ الألمِ والجسدْ أن أكتُبَ العالم، أرضه، كل السماوات التي ترحلُ فيهِ، كل الخناجر التي في ظهره، عليَّ أن أدهن كفَّه بماءٍ فيه، عليَّ أن أُدفِّيه، على ظهره أشطب ما يُلاقيه، ما به، ما قد يُلافيه، فأحضِري فيَّ ما يخلقُ خلفه من لغةٍ ما يخمر من حزني فيه: لأكتُب له مراثيه لأكتُب له، بدمي، تَعازيه· هذه المرأةُ: أُحِبُّها إذنْ: سأُواجهُ وحدي اللُّغة!· قليلاً ما تسكنُ الريحُ في دمي، ما يهدأُ الطوفانُ الذي يحملُ الكونَ إليَّ ساخناً، ما أحتملُ لدغَ عقاربِ الشَّوق وكرنفال الحنين· أيَّتُها المرأةُ الوحيدةُ في النَّخيلِ والعاصفةِ والإغماء! أسيانٌ على المدينةِ لذا أخذتها بطرفي ـ حينَ كانتِ السماءُ تعبَثُ بأصابعي، حينَ أعْطَيتُكِ وَجهَكِ لوجه الفضاء، وحملتُ الزَّغاريدَ والخُبزَ والكلمات أحياناً عَليَّ بعد أن تزحفَ الشَّمسُ بروحها وأجنحتي بعد أن يسترَ هذا الفاضحُ في عينَيَّ وقته بعد أن تهترئ الشِّباك يرى المراوغُ في دمهِ ما كانَ يُراوغهُ ما كانَ يشغله عن البلاد· هذه المرأةُ: حينَ خرجتُ مِنْ حلمها إلى حلمها، قابلتُ الشَّاعرَ في وجهها أعطته الذِّكريات لا تُخبئ صورتك عنِّي أكثر والموتُ تحت جلدي يتَّحد أحملُ جمرتين أنا العالم أنا العاشق القاتل المقتول الذي لا··· أنا دَمارُ ما يصِلَني بالجنَّة السماءُ قميصٌ ألبسُهُ الأرضُ تحتَ قَدَميَّ حذاء والفاكهةُ قصيدةٌ أكتُبُها· بما يشبه الحلم، اشتعلت أصابعي هَاكِ يداكِ وقلبي، واتبعِيْني، يُشرِفُ العالم بعد خُطوةٍ يُشْرِفُ الجسد بعد كلمتين· يبقى الحلمُ مُسافراً بين رصاصتين تبقى الأرضُ كلماتٍ وطقُوسَ نجاة!· ندخلُ اللَّهبَ ـ أيضاً ـ بما يشبه الحلم بما يساوِي ـ إذا حسبناه على الأصابع ـ مُطلقاً ـ إذا رسمناه في عيونه ـ باب المدينة أشهدُ جُثَّتي لا أرى مُشَيِّعين لا أرى شيء أرى جسدي أرى جسدي وجسدي أرى جسدي رَماد بِذكرِ الأسى المُهَشَّم، بِفَظيعِ الألم المختلَس، أدرُسُ المكانَ وصِفاتِ الهواء المُنعِش والزَّمن بِذِكرِ كُلِّ شيءٍ قادمٍ تَهَيَّجَ ما أغفلتْ عنه البراكين أسدلت خلفه ستائر الليل ومِلأتهُ بالعميقِ المُضْمَر خَلفَ هذا الزجاج! بِذكر كُلَّ شيء فائت مَضى بكُلِّ شيء ما لَم يحضُر أبداً يحضُرُ أبداً وإن لم يكن في البقاعِ دليل يحضُرُ أبداً دمُ هذا القتيل تعودُ هيكلاً، جمجمةً كاملةً، صبيَّةً تَهرُشُ النَّزير، تَبغض أن يَكون السيَّد هو المارق نفسه على السيَّدِ الذي بكى ـ حينَ هيكلاً ناقصاً بكى على صدرها ـ حينَ لم يستطع أن يكونَ إنساناً تَعُودُ فَنارةً ينقصها الضُّوءُ ـ العيون التي ترى ـ ما ينفذُ من الضُّوء على الزجاج المُبلَّل بالعَرَق تَمَنَّع هذا النَّاقصُ من نفسه لنفسه ارتياد ما يُسَمَّى وطناً وبَيتاً وآخرين أينَ هذا الشَّقيُّ يُعلِنُ انتحاره؟! يشتري رَهَقَ روحه بالغُبار في رَكنٍ قَصيٍّ يعلنُ انتحاره هكذا قال رُكنٌ قَصِيٌّ انتحار أُطلقُ الحمامةَ في سَفَري الدَّائم نحو الطفولة، بين فخذي طفلة؛ أطفال يلهُونَ بالطينِ، يشكِّلونَ الدَّمَ الذي افتقدتُهُ في خصوبتي الأولى، يحلمون بأطفالٍ ملائكيين، يقابلون الجِّنَّ والكائنات الغريبة··· أطلقُ الحمامة في أضامير النسق المهترئ الذي بنيتُه من نافذته تدخل جراح العالم: اذهَبْ دِفءُ شجرك يغويني بالصراخ، هذا المستقيمُ الخافتُ بيني ودِفء شجرك يغويني بالفرح، بالكوب الممتليء بالحنان، هذا النعاسُ ـ شبه النَّوم ـ يضيء ذاك الفضاء خلف الزجاج الصَّريع/ قُرب صوتَ العُيُون!· الجنازيرُ إلى الشَّجر في خصره، والمَرايا إلى الوراء ـ خلفه ـ بين عظمٍ وعظمٍ يئنُّ حطامُ شيءٍ خافتٍ ينزُّ ما يَشْبَه الفرحَ ما يَشْبَه الحُزنَ ما يغلقُ البابَ ما يُسبلُ الجفُونَ يفتحُ الحديقة صداقاتٌ لأشياء غامضةٍ، وَمِيضُ ريحٍ تفتحُ الشبَّاكَ ليدخلَ ضوءٌ حزينٌ ومَرَايا ناعسة كُحلُ الساحل في سرَّتها وأنينُ الشَّارع يعصفُ به صداقاتٍ صداقات ورقٌ يتحسَّرُ على الدَرج، حبرٌ يئنُّ لا يشتكي يتكي كلما زاره الحبر الصديق على ورقٍ أبيضٍ لم يُمَس يصرع كلما ابتكَرَ فراغاً جديداً كلما زهى به الألم إلى الساحل ـ في كُحله ـ ارتاح· الأخيرُ دائماً هو الأول بالعكس! يُقَرِّبُ سطوتهُ نجيَّاً للوطن، كلّ امرأةٍ تشربُ نَخْبَهُ يشرِقُ في كأسها طيِّبٌ حَزين الأخيرُ أن تَكُن غير راءٍ للسؤال، قابضاً كفَّكَ بنَسلٍ كلما أعْتَمَ مُعْتَمٌ شَفَّ في روحك هذا الزَّمن يُقَرِّبُ صوته نَجِيَّاً للوطن·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©