السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الجيش الوطني أبطال الحرب علـى «كورونا»

الجيش الوطني أبطال الحرب علـى «كورونا»
30 مارس 2020 02:05

أحمد عاطف، شعبان بلال، عبدالله أبو ضيف (القاهرة)

في الوقت الذي طالبت فيه حكومات العالم مواطنيها بالبقاء في المنازل طوعاً أو كرهاً بقرارات حظر التجوال لمنع انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، كان هناك الآلاف من «الجيوش البيضاء» من فرق الأطباء حول العالم يدخلون بلا تردد وبأقدام ثابتة لا يهزها الخوف من قاتل صامت، يعلمون حقيقة أنهم ربما يكونون شهداء في الخط الأول لمعركة يفقد فيها المصابون أحباءهم.
ومع تعدد الأوصاف التي منحها لهم قادة ورؤساء العالم من «جنود في حرب صحية» و«الجبهة الأمامية في هذه المعركة» إلى «أجمل الملائكة» و«رسل النور والأمل» و«الأكثر جدارة بالإعجاب في العصر الجديد»، يواصل الأطباء تسطير الملاحم في صمت.
وفي يوم الطبيب، الذي يحل اليوم وسط أزمة صحية عالمية، وثّقت «الاتحاد» شهادات لأطباء في مناطق ودول مختلفة من مستشفيات العالم، الممتلئة عن آخرها بالمصابين، بدوا ملائكة رحمة يحاولون التخفيف عن المصابين، دون كلل أو ملل لمواجهة قاتل لم يكتشف علاج له، يروون عن مشاعرهم وأمنياتهم في أكثر معركة شرسة في الألفية الأخيرة.
ويشير الدكتور طلال فيصل، الطبيب بمستشفى ماربورغ الجامعي الذي يقع في الوسط الغربي من ألمانيا، والذي يعمل بقسم الطب النفسي الخاص بكبار السن، إلى مدى صعوبة عمله في طمأنة هذه الفئة العمرية، موضحاً أن العبارات الكلاسيكية العالمية التي يستخدمها لتهدئة كبار السن لا تجدي نفعاً، بسبب حالة الهلع من أن هذه الفئة هي الأكثر عرضة لتطور المرض بسبب الإصابة.
وأضاف فيصل لـ«الاتحاد» أن مهتمهم كأطباء في الخطوط الأمامية لمواجهة كورونا معقدة بين محاولة طمأنة المصابين الخائفين وتعرضهم هم أنفسهم للإصابة. وأشار إلى أن المستشفيات الألمانية اتخذت إجراءات استثنائية مثل احتجاز المرضى في حالات الطوارئ فقط ومنع الزيارات من ذويهم ومنع خروج المريض المحتجز في عطلة نهاية الأسبوع مثلما كان مسموحا به سابقاً. وأكد أن من بين كل 100 مصاب بـ(كوفيد-19) يحتاج 16 منهم فقط للدخول للمستشفى، في حين أن المعرض لخطر الوفاة هم 3 أشخاص فقط، معتبراً أن المشكلة الأكبر هي سرعة الانتشار لأنه مع زيادة عدد المحتجزين يزيد الاحتياج لعدد أسرّة وهو ما يفاقم الأزمة.
ولفت إلى أن كثيراً من حكومات الدول في العالم استهانت بالمرض كإيطاليا وهو ما جعل أعداد الوفيات والإصابات ترتفع بشدة.

الصفوف الأمامية
وأما الدكتور أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية، فقال إن الأطباء وأطقم التمريض والمسعفين واختصاصيي المختبرات وسائر العاملين الصحيين يقفون في الصفوف الأمامية لمحاربة الفيروس، ورصد الحالات واكتشافها وعزلها، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى والحد من التفشي داخل المنشآت، سواء في المراكز الصحية والمستشفيات أو في مرافق الحجر الصحي أو العزل الطبي أو عند نقاط الدخول الحدودية أو في مختبرات التحليل والتشخيص. وأوصى استشاري الأوبئة العاملين الصحيين بالاعتناء بأنفسهم، خصوصاً في الوضع الراهن، وأن يحصلوا على قسط كافٍ من الراحة بين المناوبات، وتناول قدر كاف من الطعام الصحي، وممارسة التمارين الرياضية، والتواصل مع الأسرة والأصدقاء.
ومن إنجلترا، أكد الدكتور أحمد الحداد، استشاري الرعاية المركزة بمستشفى سانت ماري إمبريال كولدج في لندن، لـ «الاتحاد»، أنه خلال عمله على مدار 20 عاماً داخل العنايات المركزة في 4 دول لم ير مثل الذي يحدث الآن، خصوصاً بعد رؤيته صوراً للأشعة السينية لصدور المصابين بكورونا، معتبراً أن مستشفيات العالم تواجه أزمة غير مسبوقة.
وأوضح لـ«الاتحاد» أن فريقه يعمل بكل ما يملك من قوة ويرتدون بزات وقائية، لكنها تجعل كل شيء أصعب وأبطأ، منوهاً بأن كل فرد من فريقه خائف ولكنه يعمل بلا توقف لأنه لا يوجد وقت لهذه المشاعر في الفترة الحالية.
وأضاف: «لا توجد وظيفة أكثر صعوبة من أن تكون ممرضاً أو طبيباً في وحدة العناية المركزة في الفترة الحالية».

عندما يُصاب الأطباء
تقول إيمان عبد المنعم، وهي طبيبة مصرية مصابة بفيروس كورونا المستجد، إن عملها الحقيقي هو أن تجعل الناس يصبحون في وضع صحي أفضل، وبث الشعور لديهم بأن الألم الذي يتحملونه قارب على الانتهاء، ومن ثم مع إصابتها بفيروس كورونا المستجد، أصبح عليها أن تتحمل الألم نفسه في سبيل الشفاء.
وأشارت إلى أنها لن تتراجع عن مهمتها الوظيفية بعد تماثلها للشفاء خلال الفترة المقبلة، وأن أيام العزل الصحي التي قضتها حتى هذه اللحظة، تجعلها أكثر عزماً على مواصلة عملها كأحد جنود الجيش الأبيض.
وأضافت عبد المنعم، من داخل العزل الطبي، لـ«الاتحاد»: «يجري العمل في اللحظات الجارية من قبل أكثر من 11 ألف طبيب مصري في مستشفيات مختلفة في المحافظات، يشكلون حائط الصد الأول في وقف تفشي الفيروس، وهو الحائط الذي يقف من خلفه 100 مليون مواطن مطمئنين في منازلهم أن الضوء سيبزغ في النهاية»، معتبرة أن العزيمة هي السلاح الحقيقي في مواجهة كورونا في مختلف أنحاء العالم.
وتصدياً للتطورات المأساوية، قررت إيطاليا الإسراع بدفع 10 آلاف من خريجي كليات الطب، فور إنهاء دراستهم العام الجاري إلى الخدمة، من دون حتى الخضوع للاختبارات النهائية المطلوبة مسبقاً.

خوف وأمل
من اليمن، يقول الدكتور محروس إبراهيم، ابن محافظة عدن اليمنية، والذي وجد أن عليه أن يدافع عن أبناء وطنه غير حامل للسلاح: «إن المستشفيات المهجورة بعد عشرات القذائف التي نالتها من الإرهابيين، أصبحت الملجأ الأول للجميع الآن»، موضحاً أن اليمن التي امتلأت بالمخابئ على مدار الـ10 سنوات الماضية، لم يعد لها سوى المستشفيات في اللحظات الراهنة لتحمي أبناءها من فيروس كورونا.
وأضاف إبراهيم لـ«الاتحاد» أن دوره كطبيب هو منع انتشار الفيروس، مؤكداً أن المعركة ضد الفيروس ربما تجمع اليمنيين على قلب رجل واحد، قيادتهم العلم والأطباء لا السلاح والساسة بعد سنوات من الخراب الذي جعل الجميع في مأزق خوفاً من إعلان أول حالة لفيروس كورونا الجديد في البلاد، مشيراً إلى أنه للمرة الأولى منذ سنوات يتوقف إطلاق النار من دون مشاورات أو مفاوضات، إذ أصبح الجميع خائفاً من النزول إلى الشوارع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©