الإثنين 13 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتشارٌ واسع للدروس الخصوصية بالجزائر .. والمدرسون في قفص الاتهام

انتشارٌ واسع للدروس الخصوصية بالجزائر .. والمدرسون في قفص الاتهام
20 نوفمبر 2010 20:23
تشهد الجزائر منذ سنوات انتشارا مستمرا لظاهرة الدروس الخصوصية أو دروس تقوية مستوى التلميذ، حتى تحولت إلى موضة وأضحى أي معلم أو أستاذ قادراً على تحويل حجرة في بيته إلى “فصل دراسي” أو ما يشبه “مدرسة خاصة” يستقبل فيها التلاميذ الذين يرغبون بتقوية مستواهم الدراسي دون أن يحتاج إلى اعتماد أو إذن من السلطات. الظاهرة ليست جديدة في الجزائر، وفق المعلم سعيد سلمان إذ أنها كانت موجودة منذ سنوات طويلة، ولكن على نطاق ضيق ومحدود، وكانت الدروس التدعيمية تقدم عادة للطلبة الذين يعانون ضعفا عاما في المستوى والقدرات الاستيعابية أو ضعفاً في مواد معينة كالرياضيات واللغات الأجنبية، ولذلك لم يكن انتشار الدروس الخصوصية أو التدعيمية شائعاً لأنه كان يعدُّ “نقيصة” تُخجل الطلبة أمام أقرانهم المتفوقين في المدرسة العمومية. ويقول سلمان “الأوضاع انقلبت رأساً على عقب منذ نهاية الثمانينيات تقريباً، حيث بدأ الإقبال على الدروس الخصوصية يتزايد بشكل ملحوظ، وتبيَّن أن السبب الرئيس في ذلك يعود إلى الإصلاحات التربوية المستمرة التي أُدخلت تباعاً على البرامج والمقررات والمواد الدراسية بالجزائر بهدف رفع مستوى المدرسة الجزائرية، فأجبر الكثير من الطلبة في كافة الأطوار التعليمية على الاستنجاد بالدروس الخصوصية لمواكبة وتيرتها العالية، إذ أفرزت الإصلاحات التربوية كثافة كبيرة في المواد من جهة وارتفاع مستواها من جهة أخرى”، موضحا “أصبحت الرياضيات مثلاً تُدرَّس لتلاميذ الابتدائي حتى أن تلاميذ السنة الرابعة ابتدائي يدرسون الكُسور، فبدأ أغلب التلاميذ في مختلف المراحل التعليمية يشتكون من صعوبة الدروس المُقدَّمة لهم وعدم استيعابهم لها”. ويتابع “وجد الكثير من الأولياء محدودي المستوى أنفسهم عاجزين عن مساعدة أطفالهم على استيعاب هذه الدروس، ما أجبرهم على إلحاقهم ببعض المدارس الخاصة التي تقدِّم دروساً في مختلف المواد الدراسية وتوظف أساتذة ذوي سمعة تعليمية طيبة، أو على الأقل إرسالهم إلى أساتذة يقدِّمون هذه الدروس في بيوتهم قصد تقوية مستويات أبنائهم في شتى المواد التي يعانون ضعفاً فيها، فانتشرت ظاهرة الدروس الخصوصية على نطاق واسع وأصبح يقبل عليها الطلبة النجباء وضعيفو المستوى معاً”. انتشار الإعلانات في مختلف الأحياء الشعبية وعلى مداخل بعض العمارات وكذا المحال التجارية والساحات العمومية، تنتشر إعلاناتٌ صغيرة لمعلمين وأساتذة أو حتى خرِّيجين في الجامعة لم يشتغلوا بعد، يعلنون فيها أنهم يقدمون دروسا تدعيمية في مواد مختلفة للتلاميذ والطلبة في شتى الأطوار التعليمية، كما تنتشر إعلاناتٌ مماثلة لمدارس خاصة معروفة أو أخرى فتحت أبوابَها حديثاً، وهناك من يلجأ إلى زيارة مختلف العمارات ووضع إعلاناته داخل الصناديق البريدية لكل السكان لضمان وصولها إليهم. وكانت المدارس الخاصة ممنوعة في الجزائر بموجب الأمر الرئاسي الصادر في 16 أبريل 1976 الخاص بالمدرسة الأساسية والذي ينص على أن كل أبناء الجزائر يتلقون دراستهم في المدرسة الحكومية وبشكل مجاني ما ضمن الحق في التعليم لكل طفل والمساواة بينهم ونبذ الطبقية في هذا المجال، إلا أن العديد من المدارس الخاصة ظهرت بشكل غير قانوني منذ نهاية الثمانينيات وازدهرت أكثر في التسعينيات وفي الألفية الجديدة مع “سكوت” الدولة عنها. إلى ذلك، تقول المعلمة سنا عبدالرحمن “منذ سنوات قليلة عدَّلت الحكومة أمر 1976 وسمحت بإنشاء المدارس الخاصة ومنحت للمدارس القائمة الاعتماد لممارسة نشاطها بشكل قانوني بما يتيح لها منح شهادات للخريجين فيها تعادل شهادات المدارس الحكومية، فقامت نحو 979 مدرسة، إلا أنها دخلت في نزاعات مع وزارة التربية حينما رفضت الانصياع لقرارها باعتماد الدروس العمومية، واتخاذ العربية لغة وحيدة لتدريس مختلف المواد والكف عن استعمال الفرنسية كلغة تدريس، فأقدمت الدولة على غلق 20 مدرسة منها، وهددت المدارس المتبقية، فرضخت للقرار”. يكتفي الأساتذة الذين يقدِّمون دروسا تدعيمية في مختلف المواد بالمقررات الرسمية مع الإسهاب في شرحها للطلبة، علماً أن نشاطهم “غير قانوني”، فهم لا يمتلكون رخصة لممارسة نشاطهم ولا يدفعون أية ضرائب عن أرباحهم للدولة على غرار المدارس الخاصة المعتمدة، ولكنهم لا يتعرضون إلى أية مضايقات. ويعزف أغلب الجزائريين عن المدارس الخاصة ويفضلون إلحاق أبنائهم بالأقسام التي تقدم الدروس التدعيمية، لأنها أقل تكلفة بكثير باعتبار أن أصحابَها أساتذة يريدون تحسين دخلهم فقط وطالما اشتكوا من محدودية الأجور في المدرسة الحكومية، ونادوا بتحسينها وشنوا العديد من الإضرابات لتحقيق هذا الهدف، بينما شاع عن المدارس الخاصة أنها موجهة لأبناء الأثرياء القادرين على دفع الكثير في سبيل منحهم تعليما نخبويا، قبل أن يفقد هذا التعليم بريقه بتجريده من التدريس بالفرنسية، وأصبحت مجرد “ملجأ” للطلبة الراسبين في التعليم الحكومي، حيث تمنح لهم فرصة أخرى للاستدراك والحصول على الشهادات. في هذا السياق، يقول ولي الأمر حسين ملاوي “أغلب الجزائريين يعزفون عن المدارس الخاصة بسبب تكلفتها العالية ويقبلون على الدروس التدعيمية فقط، إلا أن الكثيرين اشتكوا من أنها تكلفهم مصاريف شهرية إضافية ترهق ميزانيتهم أحياناً، لاسيما إذا كان هناك عدة أطفال في العائلة الواحدة”. ويتابع “أطفالنا يدفعون ثمن محدودية أجور المعلمين والأساتذة حيث يعمد بعضهم إلى تقديم شروح سطحية لدروسه بخلاف ما يفعله حينما يقدم دروسا خصوصية،. وحينما يشكو بعض التلاميذ من عدم استيعابها ويطالبه بالتعمق في الشرح يرد عليه “تعالَ لتتلقى الدروس الخصوصية في بيتي.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©