مَن يتقصّى حركات وتيارات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها «جماعة الإخوان الإرهابية»، يدرك بسهولة سلوكَها الذي يشبه إلى حد كبير الأفاعي في إخفاء الحقائق، والتمسك الشديد بالتآمر والخداع، الأمر الذي تدركه أجهزتنا الأمنية جيداً، وتقف له المرصاد، شرعاً وقانوناً.
نقول ذلك، ونحن نتابع إعلان النائب العام للدولة إحالة 84 متهماً -أغلبهم من أعضاء «تنظيم الإخوان الإرهابي»- إلى محكمة أمن الدولة، لمحاكمتهم عن إنشاء تنظيم سري آخر، حيث أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة.
ولعلّ المتابع لشأننا المحلي يدرك أن الإمارات، وفي إطار قانوني، تقف بكل حزم ضد التطرف مفهوماً ولغةً وسلوكاً، وضد كل من يتبناه نهجاً وطريقاً، ولا تقبل بأي حال بتهديد أمنها واستقرارها، ولا تسمح لأي جماعة بالنفاذ إلى مجتمعها بما يعطل نهضتها ويقوض بنيانها.
هذه قضية أساسية في بلادنا، التي استثمرت في ثقافة التسامح والعيش المشترك والأخوة الإنسانية، وبذلت جهوداً إقليمية ودولية حثيثة، لإصلاح صورة هذه المنطقة من التشوهات التي حفرها التطرف عميقاً، وأسست نموذجاً لدولة تنشد السلم والتنمية والازدهار، بعيداً عن التطرف والغلو والمغالاة.
وهذا هو نهجنا وطريقتنا في التصدي لخطابات التحريض وحروب الكراهية وأجنداتها التدميرية، وقد فتح شبابنا عيونهم جيداً على مخاطر التطرّف وقبحه، وخروجه على الوطن مفهوماً وولاءً ومصلحةً.. وسنمضي في هذا الطريق، فيما لا يستطيع أحد مساومتنا على أمننا ومصلحتنا الوطنية.
قلناها مراراً وتكراراً: إن تيارات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها «الإخوان»، جماعات براغماتية تتبنى تسييس الدين، وتحتكر تمثيل الإسلام، وتنكر الدولة الوطنية، وتبيح الخروج عليها، وتتخذ من الشباب مطيّة لتخريب الأوطان.. وعلى المتشككين في ذلك الرجوع إلى أرشيف «ربيع الفوضى».
بالمقابل، فإن الشخصية الإماراتية شخصية معتدلة متسامحة، تنبذ الفوضى والخراب، وتنحاز إلى عمارة الأرض، فيما لا بيعة في قاموسها إلا للوطن، ولا ولاء إلا لقيادته.. تلك ثوابتنا، التي يعني الخروج على أيّ منها خروجاً عن البلاد نفسها، واصطفافاً ضدها.
بقي القول: إن انتداب المحكمة محامياً لكل متهم في القضية لم يتمكن من توكيل محام للدفاع عنه، انعكاس واضح لمدى توخّي العدالة التي هي حق للجميع في بلادنا المؤمنة بأن القضاء العادل وسيلة لرقي الأمم والحفاظ على استقرارها الاجتماعي والاقتصادي.
واثقون في منظومتنا القضائية وأحكامها الناجزة وعدالتها ونزاهتها.. وكل الفخر بأجهزتنا الأمنية ويقظتها لحماية المكتسبات في إطار مبدأ دولة القانون والعدالة.