في الحياة حولنا قصص فردية أدت إلى تحولات عظيمة في المجتمعات التي يعيش فيها أبطال هذه القصص، ويحدث هذا فقط لأن هناك أشخاصاً لم يتمكنوا من أن يتعايشوا مع بعض ما يجدونه في واقعهم، فرفضوه واشتغلوا بكل جد لتغييره. أكثر ما يثير اهتمامي في هذا الأمر، لماذا هناك أشخاص غير مبالين ولا يعنيهم ما يدور حولهم، بل وقانعون باعتبار من يتألم جزءاً عضوياً مكملاً للصورة الكلية لحياتهم؟ رغم ارتباط ذلك بهم بشكل جذري. وفي المقابل هناك من هو معني ومهتم ومهموم لا تهدأ روحه ولا تستقر بسبب أحوال من هم حوله، بل وراغب في فهمها وساعٍ لتفكيكها وتحليلها.. وحلها، رغم توالي نكبات الفشل، مُصرّاً بلا كلل على المضي في هدفه بزحزحة الواقع وتغييره!
يخبرنا العلم أن هناك من تبلغ نسبتهم 20 في المئة من سكان الكوكب ممن يحملون «جينة» قلقة محرضة لأصحابها على أن لا يقبلوا ما يعتبره العامة مألوفاً وعادياً، معتقدين دوماً أن هناك ما يمكن أن يكون أفضل، ورافضين لمواضع الألم الجائر -على سبيل المثال- الذي قد يصيب غيرهم. والجينة هي الجينيوم البشري الذي يحمل البروتينات اللازمة للحياة، ومن ضمن الأمور الكثيرة التي تحددها البروتينات في الكائن البشري الطريقة التي يتصرف بها. وهذه الجينة المحرضة التي نتحدث عنها تحمل الصفات البشرية التي تجعل الإنسان تواقاً طوال الوقت لمساعدة الآخرين وتحسين أحوالهم، وراغباً في رفع الألم والظلم عن محيطه.
منذ يومين كرمت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية في مبادرتها «صناع الأمل» مجموعة من أصحاب هذه «الجينة» ممن رغبوا في تحسين أحوال من حولهم متحدِّين الواقع الصعب أو قلة الموارد أو نظرة المجتمع الرافض وغيرها من المعيقات التي يسهم فيها دوماً -وللأسف- أولئك الذين ابتلوا باللامبالاة، وممن صرفوا طاقتهم في الإقلال من جهود غيرهم والاستخفاف بها، وهم من على الضفة الأخرى التي لا يُتحدث عنها رغم فداحة وتأثير ما يصنعونه في إعاقة وتعطيل أصحاب جينة الأمل عن المضي بأحلامهم للتغيير. وهنا أعود لأتساءل عن نوعية الجينة التي يملكها هؤلاء المثبطون، وهل يا ترى تبلغ نسبتهم الـ80 في المئة المتبقية من أهل الأرض! وهل لنا من أمل في تغييرها؟.. أعتقد أن أصحاب جينة الأمل يعتقدون هذا، بل إنهم بالفعل على قناعة بذلك.